الوئام- خاص
صادَق مجلس النواب الأمريكي على قانونٍ يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ردا على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
القانون، الذي حاز دعما واسعا من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين، يعكس معارضة حادة للإجراءات القضائية التي تستهدف قادة إسرائيليين.
انتهاك صارخ
يرى الدكتور محمد محمود مهران، خبير القانون الدولي، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن القانون الأمريكي يمثّل انتهاكا جسيما للقانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، مضيفا أن التشريع ينتهك المبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، مشددا على أنه يُشكّل سابقة خطيرة في تعامل الولايات المتحدة مع المؤسسات القضائية الدولية.
انحياز واضح
وفي تصريح خاص لـ”الوئام”، أوضح محمد مهران: “التشريع الأمريكي يعكس انحيازا واضحا لإسرائيل، خاصةً في ظلّ تزايد الضغوط الدولية لوقف عدوانها على غزة. تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع انضمام العديد من الدول لدعوى جنوب أفريقيا، التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وفقا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
وتابع خبير القانون الدولي أن الولايات المتحدة لا تزال تعرقل جهود المحكمة الجنائية الدولية، وتدعم إسرائيل للاستمرار في ارتكاب الانتهاكات، وهو ما يُعد مخالفة للمادة 70 من نظام روما الأساسي التي تحظر عرقلة عمل المحكمة، كما يناقض المادة 18 من اتفاقية فيينا التي تُلزم الدول بالحفاظ على الغرض الأساسي للمعاهدات الدولية.
حماية إسرائيل
أكد مهران أن توقيت القانون الأمريكي يشير إلى محاولة واضحة لحماية المسؤولين الإسرائيليين من الملاحقة القانونية على جرائم الحرب في غزة، مشيرا إلى أنّ المادة 5 من نظام روما الأساسي تمنح المحكمة الجنائية الدولية ولاية واضحة للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
كما لفت إلى أن الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي تحظى بدعم دولي متزايد، تستند إلى المادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة التي تسمح للدول بالتدخل في القضايا المتعلقة بتفسير المعاهدات الدولية.
جرائم متكررة
وبيَّن عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي أن منع قضاة ومسؤولي المحكمة الجنائية الدولية من دخول الأراضي الأمريكية انتهاك للمادة 48 من نظام روما الأساسي، التي تكفل للموظفين الدوليين الحصانات اللازمة لأداء مهامهم، منوها بأن التهديد بقطع التمويل عن المحكمة يمثل خرقا للمادة 119 من نظام روما الأساسي، التي تنظم آليات حل النزاعات المرتبطة بوظائف المحكمة.
واختتم مهران حديثه محذّرا من أن التشريع الأمريكي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويقوّض استقلال المحكمة الجنائية الدولية، ذاكرا أن الضغط المالي والسياسي على المحكمة يُشكّل انتهاكا للمبادئ القانونية الدولية، ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب، كما أن استمرار إسرائيل في تجاهل قرارات مجلس الأمن وأحكام محكمة العدل الدولية، يمثّل خرقا صارخا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تُلزم الدول بالالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية الدولية.
هذه التطوّرات تضع الولايات المتحدة في مواجهة مع القانون الدولي، وتثير تساؤلات بشأن مصداقية التزامها بالمبادئ التي أسست عليها المنظومة الدولية، كما تُعزّز هذه الخطوات المخاوف بشأن مستقبل العدالة الدولية واستقلالية مؤسساتها.