عبود بن علي آل زاحم
في كل بيئة عمل نجد تفاعلات يومية تعكس طاقة الفريق، وتشكل مزيجًا من الحماس والإنتاجية. ومع ذلك، قد يتسلل أحيانًا عنصر يفسد هذا الانسجام: الموظف السلبي. إنه ذلك الشخص الذي يرى العقبات في كل فرصة، ويغرق في التذمر والشكوى بدلًا من التفكير في الحلول. وعلى الرغم من أن السلبية قد تبدو في البداية مسألة شخصية، فإن تأثيرها سرعان ما يتعدى حدود الفرد ليؤثر على الفريق بأكمله.
غالبًا ما تكون السلبية نتيجة لضغوط شخصية أو مهنية يعجز الموظف عن التعامل معها. قد يشعر بأنه غير مقدّر أو أن البيئة لا تواكب طموحاته. ومع ذلك، فإن المشكلة ليست في شعوره فقط، بل في كيفية انتقال هذه الطاقة السلبية إلى الآخرين، حيث تنتشر مثل العدوى. فالزملاء الذين كانوا يعملون بروح متفائلة قد يجدون أنفسهم متأثرين بتلك الأجواء المحبطة. هذا التوتر يخلق جوًا من القلق، يؤدي إلى تراجع في الروح الجماعية، ويضعف التعاون بين أعضاء الفريق، مما يهدد إنتاجية العمل ككل.
ومع تفاقم المشكلة، قد تبدأ المنظمة في ملاحظة أثر أوسع. تراجع الأداء، وظهور النزاعات، وحتى تأثير ذلك على سمعة الشركة أمام العملاء أو الشركاء الخارجيين. هنا يصبح التعامل مع السلبية أمرًا حتميًا للحفاظ على توازن بيئة العمل وصحة الفريق.
الحل يبدأ بالاستماع. غالبًا ما تكون السلبية تعبيرًا عن تحديات غير معلنة يمكن حلها بمجرد توفير الدعم المناسب. الحوار المفتوح مع الموظف السلبي، دون إطلاق أحكام مسبقة، يساعد على كشف الجذور الحقيقية للمشكلة. قد تكون شكواه ناتجة عن سوء فهم في توزيع المهام، أو عدم وضوح التوقعات بشأن دوره في الفريق.
بعد تحديد الأسباب، تأتي مرحلة التحفيز. يمكن للمديرين تشجيع التفكير الإيجابي من خلال تعزيز الروح الجماعية، وتقديم مبادرات تبني الثقة والانتماء. كما أن وضوح المهام وتقديم التوجيه اللازم يمكن أن يقلل من الإحباط الذي يعاني منه الموظف السلبي.
لكن إذا استمرت السلبية رغم كل الجهود، قد تكون هناك حاجة لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا، مثل تقديم إنذارات أو وضع خطط واضحة لتحسين الأداء. الهدف هنا ليس العقاب، بل ضمان أن تبقى بيئة العمل صحية ومنتجة للجميع.
في نهاية المطاف، الموظف السلبي ليس نهاية الطريق. مع الدعم الصحيح، يمكن تحويله إلى فرد فاعل يسهم في نجاح الفريق. كل ما يتطلبه الأمر هو فهم عميق للمشكلة، وقرارات واعية لتحويل التحديات إلى فرص. لأن بيئة العمل المثالية ليست خالية من المشكلات، بل هي تلك التي تحوّل العقبات إلى دروس والنزاعات إلى نقاط انطلاق نحو الأفضل.