الوئام- خاص
منذ فوزه بالرئاسة، اعتمد دونالد ترمب نهجا تصعيديا في علاقته مع أوروبا، محاولا فرض الهيمنة الأمريكية عبر سلسلة من التهديدات، بفرض رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الأوروبية، بما في ذلك السيارات والسلع الزراعية، بهدف تقليص العجز التجاري لصالح الولايات المتحدة وتحفيز الاقتصاد المحلي.
كما فرض ترمب ضغوطا على الدول الأوروبية لتقليص اعتمادها على التكنولوجيا الصينية، بحجة المخاطر الأمنية، مما أثار قلقا أوروبيا بشأن التأثير الأمريكي في سياساتها السيادية.
تهديد الحلفاء
في السياق، يقول كارزان حميد، المحلل السياسي، الخبير في الشؤون الأوروبية، إنه منذ فوز ترمب بولاية رئاسية جديدة، يُدرك الرئيس الأمريكي أنه لم يعد لديه ما يخسره، وهو نهج يميّز عادةً رؤساء الولايات المتحدة في فتراتهم الثانية، فمنذ بداية حملته الانتخابية، وجّه ترمب تهديداته إلى الحلفاء قبل الخصوم، متوعّدا بفرض ضرائب مرتفعة على الواردات الأوروبية والغربية، بهدف إنعاش الصادرات الأمريكية التي تعاني أصلا المنافسة الشديدة مع الصادرات الصينية والدول الناشئة الأخرى.
ويضيف كارزان حميد، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن الأزمة بين ترمب وأوروبا ليست وليدة اليوم، ففي ولايته الأولى أطلق تهديدات عدة ضد أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن معظمها لم يُطبق بالكامل، إدراكا بأن الخاسر الأكبر سيكون الاقتصاد الأمريكي نفسه.
المحلل السياسي يوضح أن الرد الأوروبي، خاصة الفرنسي، على سياسات ترمب لم يكن ضعيفا، بقدر ما يعكس حالة عامة من التراجع الأوروبي على الساحة العالمية، فضعف الاتحاد الأوروبي يعود جزئيا إلى الصراعات الداخلية بين الدول الأعضاء، وعجزها عن معالجة القضايا الاستراتيجية بفعالية وعدالة.
صفقة كبيرة
ويشير حميد إلى أنه نتيجة لذلك، يبدو أن ترمب يسعى إلى تحقيق صفقة كبيرة، تضمن له النجاح في نهاية ولايته الثانية، وتوفّر فرص عمل وتنشّط اقتصاد الشركات الأمريكية الكبرى التي تعاني أزمات مالية متزايدة.
ويذكر الخبير في الشؤون الأوروبية أن الولايات المتحدة تواجه تحديا جيوسياسيا استراتيجيا كبيرا، خاصة بعد صمود روسيا في حربها مع أوكرانيا واستنزاف خزائن الدول الغربية، دون تحقيق نتائج ملموسة، ولذلك تبحث واشنطن عن إعادة تموضع قواتها حول العالم، وتعدّ جزيرة جرينلاند الدنماركية مركزا رئيسيا لوقف تمدّد روسيا في القطب الشمالي، ومن هنا، جاء طلب الدنمارك مؤخرا بزيادة القوات الأمريكية في الجزيرة، كبديل لعرض شراء الجزيرة المثير للجدل.
ويختتم حديثه بالقول: “على الصعيد الأوروبي، تسعى الولايات المتحدة لتأسيس قواعد عسكرية جديدة في دول خالية من الوجود العسكري الأمريكي حاليا، وإجبار الاتحاد الأوروبي على زيادة اعتماده على الواردات الأمريكية، والابتعاد عن الصين، فتهديدات ترمب بالانسحاب من ’الناتو’ أو فرض ضرائب على المنتجات الأوروبية، تعكس محاولاته تعديل بنود الشراكة الاستراتيجية بين ضفتي الأطلسي، بما يخدم المصالح الأمريكية”.