جدل كبير أثارته شركة “دي جي آيه” الصينية، المتخصصة في صناعة الطائرات من دون طيار، مؤخرًا بعد تعديلها لكيفية تفاعل طائراتها مع الأجواء المحظورة. وباعتبارها أكبر منتج للطائرات المسيرة على مستوى العالم، غيرت نهجها بإزالة نظام الجيوفينس السابق، وفقًا لما ذكرته شركة OSINTtechnical في منشور على منصة “إكس”.
نظام الجيوفينس السابق: الحماية أم القيود؟
كان النظام السابق يمنع الطائرات من دون طيار من التحليق في المناطق الحساسة مثل القواعد العسكرية والمطارات والمنشآت الحكومية، لكن تم استبداله بنظام جديد يتيح لمشغلي الطائرات مزيدًا من التحكم.
يتيح التغيير الجديد لطائرات “دي جي آيه” التحليق فوق المواقع التي كانت محظورة في السابق، بما في ذلك مناطق الطيران المحظورة التي حددتها إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية [FAA] وتشمل القواعد العسكرية الأمريكية.
وكان نظام الجيوفينس القديم قد تم تصميمه كإجراء أمني لمنع الطائرات من دخول المناطق الحساسة. وشمل ذلك مناطق مثل واشنطن العاصمة، حيث كانت مواقع مثل البيت الأبيض والبنتاغون محمية.
ما الذي قد يحدث بعد التغيير؟
في حال دخول الطائرة منطقة محظورة بموجب النظام القديم، كانت تتوقف عن الطيران أو تهبط تلقائيًا لمنعها من دخول الأجواء حيث قد يشكل وجودها خطرًا على الأمن. وقد تم تطوير هذا النظام بعد سلسلة من الحوادث البارزة، مثل حادث تحطم طائرة “دي جي آيه” من طراز “فانتوم” في حديقة البيت الأبيض.
ومع ذلك، يمثل التحديث الأخير من “دي جي آيه” تحولًا عن النموذج السابق للقيود التلقائية. فعند اقتراب الطائرة من مناطق خاضعة للرقابة من قبل إدارة الطيران الفيدرالية، سيتلقى المشغل إشعارات تحذير فقط في التطبيق.
لماذا عدلت “دي جي آيه” قواعدها؟
وفق “دي جي آيه” يعد هذا التغيير جزءًا من مبدأ تنظيمي أوسع يضع المسؤولية على عاتق مشغلي الطائرات بدلًا من الاعتماد على القيود التلقائية التي يفرضها النظام. وتدعي الشركة أن هذا التغيير يتيح للمشغلين مزيدًا من المرونة والحرية في التحكم في رحلاتهم.
كما يتماشى هذا التعديل مع متطلبات “الهوية عن بُعد” الخاصة بإدارة الطيران الفيدرالية، التي دخلت حيز التنفيذ في بداية 2024. وتطلب هذه اللوائح من الطائرات إرسال معرفاتها وموقعها في الوقت الفعلي، على غرار عمل لوحة الأرقام في المركبات. والهدف من هذه المتطلبات هو تعزيز السلامة عبر توفير أدوات أفضل للسلطات لمراقبة وتتبع الطائرات في الأجواء الأمريكية.
هل أمريكا مهددة بالدرونز؟
وقد أثار هذا التغيير ردود فعل متباينة. فالداعمون لهذه التحديثات يرون أنها تمنح مشغلي الطائرات مزيدًا من الحرية والمرونة، مما يتيح لهم استخدام الطائرات في بيئات متنوعة دون القيود التلقائية. ومع ذلك، أبدى المنتقدين مخاوفهم من المخاطر المحتملة لتخفيف القيود على الأجواء، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعمليات ذات المخاطر العالية.
على سبيل المثال، يمكن الآن لطائرة “مافيك 3 برو” التابعة لشركة “دي جي آيه”، التي اكتسبت شهرة لاستخدامها في العمليات العسكرية مثل الاستطلاع والقصف في مناطق النزاع مثل أوكرانيا، أن تحلق فوق المناطق الحساسة في الولايات المتحدة دون القيود السابقة.
الولايات المتحدة تتخذ إجراءات ضد “دي جي آيه”
ويأتي هذا التحول في وقت تواجه فيه “دي جي آيه” تدقيقًا شديدًا في الولايات المتحدة، حيث أصبحت قضايا الأمن القومي في صدارة الاهتمامات.
وفي استجابة للقلق المتزايد بشأن الشركات الصينية، أقر مجلس النواب الأمريكي قانون “مكافحة الطائرات من دون طيار التابعة للحزب الشيوعي الصيني” في العام الماضي.
وينص هذا القانون، الذي لاقى دعمًا واسعًا من كلا الحزبين، على إضافة “دي جي آيه” إلى “القائمة المغطاة” للجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية [FCC]، مما يعني حظر النماذج الجديدة من طائرات “دي جي آيه” في الولايات المتحدة. لكن الشركة رفضت هذه الاتهامات بشدة، ووصفتها بأنها غير مبررة وتحمل دوافع سياسية.
كيف ردت “دي جي آيه”؟
إلا أن الشركة أكدت أنها لم تُلغِ نظام الجيوفينس بشكل كامل، بل حدثته ليتماشى مع إرشادات إدارة الطيران الفيدرالية الحالية. كما أصدرت منصة “إكس” توضيحًا يدحض ما زعمته شركة OSINTtechnical حول إزالة “دي جي آيه” الكامل لنظام الجيوفينس.
وحسب بيان صادر عن “إكس”، فإن الشركة لم تقم بإزالة الجيوفينس في الولايات المتحدة، بل حدثت النظام ليتماشى مع التصنيفات الحالية للأجواء حسب إدارة الطيران الفيدرالية. كما تمت إعادة تصنيف “مناطق الطيران المحظورة” السابقة إلى “مناطق التحذير المعززة”. وفي هذه المناطق المحدّثة، لن يتم حظر الطائرات تمامًا من التحليق، بل سيحصل المشغلون على إشعارات عند اقترابهم من الأجواء الخاضعة للرقابة، مما يتيح لهم اتخاذ قرارات مستنيرة قبل متابعة رحلاتهم.
وقد تم تنفيذ هذه التغييرات بالفعل في العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، حيث تم تحديث نظام الحواجز الجغرافية لشركة DJI ليعكس القيود الوطنية على المجال الجوي، وفق ما أعلنته الشركة في سياق ردها على الانتقادات.