د. بندر الجعيد
أكاديمي وكاتب اقتصادي
في ظل التغيرات السريعة في الاقتصاد العالمي؛ بسبب التقنية المتقدمة وزيادة عدم اليقين، يصبح الابتكار أمرًا مهمًا لتحقيق النمو المستدام. لكن هناك مشكلة ملحوظة، وهي أن الكثير من الشركات الكبيرة تعاني نقصاً في الابتكار. هذا يطرح تساؤلات مهمة حول كيف سيؤثر ذلك على الاقتصادات الكبيرة وجودة الوظائف، خاصة في ظل الظروف العالمية المتزايدة التعقيد.
وفقًا لتقرير مجلة “فوربس”، يتحكم 10% من أغنى أغنياء العالم في حوالي 76% من الثروة العالمية. وعلى الرغم من هذه الثروات الضخمة، فإن العديد من هؤلاء الأثرياء يفضلون استثمار أموالهم في أصول تقليدية مثل العقارات والأسواق المالية بدلاً من دعم الابتكار التقني وريادة الأعمال. هذا الاتجاه نحو استثمارات منخفضة المخاطر، ورغم تحقيقها لعوائد مالية، يفتقر إلى القيمة المضافة الحقيقية التي تعزز الاقتصاد، وتفتح آفاقًا جديدة للنمو، وتخلق سلاسل قيمة جديدة.
تشير دراسة أعدها معهد بروكينغز إلى أن الاستثمار في الابتكار قد يعزز نمو الإنتاجية بنسبة تصل إلى 2% سنويًا، بينما تؤدي الاستثمارات التقليدية إلى فوائد اقتصادية قصيرة الأجل ومحدودة. ويؤدي غياب الابتكار إلى آثار سلبية ملحوظة على سوق العمل، حيث يساهم في توليد وظائف ذات جودة منخفضة.
مع تسارع التقدم التقني عالميًا، تزداد الحاجة الملحة للابتكار بشكل غير مسبوق. يشير تقرير حديث من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن الاستثمار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة يمكن أن يؤدي إلى خلق حوالي 10 ملايين وظيفة جديدة بحلول عام 2030. ومع ذلك، إذا استمر الأثرياء في تجنب المخاطرة، ستبقى هذه الفرص محجوزة داخل نطاق الثروة، مما سيؤدي إلى استمرار تعثر الاقتصاد العالمي في حلقة مغلقة من النمو البطيء في القطاعات الواعدة.
تحويل ثروات المليارديرات في الاقتصادات الكبرى لدعم الابتكار ليس مجرد خيار استثماري، بل هو حاجة ملحة لتعزيز استدامة الاقتصاد العالمي وتحسين جودة فرص العمل، خصوصًا في عصر يتسم بالتغيير السريع الذي لا يرحم المترددين.