خاص – الوئام
في صمت الليل داخل مسلخ في البرازيل، اجتمع مجموعة من الرجال الملطخين بالدماء حول أحشاء بقرة لاكتشاف إذا ما كانت تحتوي على ما يُعده البعض “الذهب السائل”.
هذا الاكتشاف لم يكن مجرد حادث عابر؛ بل هو جزء من تجارة غير قانونية في بعض الأحيان، حيث وصل سعر الحجارة الصفراوية البقرية إلى أرقام تفوق قيمتها الذهب.
الكنوز الطبيعية
وفقًا لما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” بتاريخ 20 يناير 2025، يتزايد الطلب على هذه الحجارة في الطب الصيني التقليدي، الذي يعالج بها العديد من الأمراض، أبرزها السكتات الدماغية.
هذا الطلب المتزايد جعل من الحجارة الصفراوية سلعة ثمينة، ما دفع التجار للتوجه إلى أكبر منتجي اللحوم في العالم، مثل البرازيل، للحصول على هذه “الكنوز الطبيعية”.
الحجارة الصفراوية في الصين
منذ فترة طويلة، تُستخدم الحجارة الصفراوية في الطب الصيني التقليدي كعلاج مرموق لمجموعة من الأمراض، مثل السكتات الدماغية واضطرابات القلب.
مع تزايد الأمراض المرتبطة بالصحة العامة في الصين، كالسكتات الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم والسمنة، أصبحت هذه الحجارة سلعة ذات قيمة عالية في أسواق الطب التقليدي.
ووفقًا للتقارير، بلغ سعر الحجر الصفراوي البقري حوالي 5800 دولار للأونصة، وهو ما يتجاوز ضعف سعر الذهب. هذا الاهتمام دفع العديد من التجار إلى البحث عن هذه الحجارة في أماكن غير تقليدية، مثل البرازيل وأستراليا.
تجارة غير قانونية
تُعد البرازيل من أكبر منتجي اللحوم في العالم، وقد أصبحت مقصدًا رئيسيًا لتجارة الحجارة الصفراوية البقرية. ورغم أن بيع هذه الحجارة قانوني في البرازيل، إلا أن التجارة غير القانونية انتشرت بشكل كبير، حيث يعمل تجار غير شرعيين على تهريب هذه الحجارة وبيعها في السوق السوداء.
على الرغم من أن العديد من هذه الحجارة تُجمع بشكل قانوني من المسالخ، إلا أن السرقات أصبحت شائعة، ما يعرض العمال للخطر أثناء محاولتهم الحصول على هذه الحجارة الثمينة. وتشير التقديرات إلى أن بعض المسالخ في البرازيل شهدت زيادات كبيرة في عدد السرقات المتعلقة بالحجارة الصفراوية، حيث يتم الاستيلاء عليها من قبل العمال أو العصابات المتخصصة.
عمليات التهريب
تُجرى عمليات التهريب بطرق متنوعة، حيث يتم إخفاء الحجارة داخل أشياء مثل البرطمانات أو لعب الأطفال لتجنب الرقابة الجمركية. على الرغم من الجهود الحكومية لضبط السوق، لا تزال هذه التجارة تتوسع خارج حدود القانون.
هناك تقارير تفيد بأن التهريب أصبح مهنة شائعة، إذ تُشحن الحجارة إلى هونغ كونغ وغيرها من المناطق الآسيوية عبر طرق غير شرعية، حيث تُباع بأسعار مضاعفة. في بعض الحالات، تُمارَس عمليات غش من خلال إضافة مواد مثل الطين أو السكر داخل الحجارة لزيادة وزنها، ما يجعل التجارة أكثر تعقيدًا وربحًا للتجار.
ومع ازدياد الطلب على هذه الحجارة، تكشف الإحصاءات عن زيادة كبيرة في صادرات الحجارة الصفراوية البقرية من البرازيل إلى هونغ كونغ، حيث تضاعف حجم التجارة في السنوات الأخيرة.
التحديات البيئية والمستقبل الغامض
رغم الطلب الكبير على الحجارة الصفراوية، تشير التقارير إلى أن وجودها بدأ يتناقص بشكل ملحوظ في البرازيل. يتم التخلص من الأبقار في وقت مبكر، ما يحد من فرصة تكون الحجارة الصفراوية، وهو ما يزيد من ندرتها.
وتؤكد دراسات أن بعض المنتجين البرازيليين بدأوا في التفكير في كيفية تحفيز أبقارهم على تطوير الحجارة الصفراوية لتحقيق أرباح كبيرة، إلا أن هذا الأمر يظل في نطاق الأساطير والتخمينات.
من جانب آخر، تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع الطلب قد يؤدي إلى زيادة في عمليات سرقة الحيوانات والتهريب غير المشروع، مما يهدد البيئة والتوازن البيئي في مناطق الإنتاج.
الخلاصة
تجارة الحجارة الصفراوية البقرية تُسلط الضوء على تقاطع معقد بين الطب التقليدي والاقتصاد غير المشروع.
مع استمرار الطلب في الارتفاع، تبدو التحديات القانونية والبيئية في تزايد، ما يجعل مستقبل هذه التجارة غامضًا ويحتاج إلى مراقبة دقيقة وتحركات دولية لضبطها.