تشهد السعودية ازدهارًا غير مسبوق في الاكتتابات العامة الأولية (IPO)، في إشارة إلى تحرر الاقتصاد السعودي من الاعتماد على الخصخصة الحكومية، التي لطالما هيمنت على السوق الاستثماري.
أحدث الشركات المنضمة لهذه الموجة هي الشركة العربية للاستثمار الزراعي والصناعي، المعروفة باسم “إنتاج”، والتي أعلنت عن خططها لطرح 30% من رأس مالها للاكتتاب العام، على أن يتم تحديد السعر النهائي في 19 فبراير 2025، مع توقع إدراج أسهمها بعد ذلك بوقت قصير.
يأتي ذلك بعد سلسلة من الاكتتابات الكبرى، أبرزها طرح شركة “الموسى الصحية”، الذي شهد إقبالًا قياسيًا، حيث بلغ حجم الاكتتاب على 30% من أسهمها نحو 372.8 مليون دولار. كما تسعى شركة “نايس ون” المتخصصة في مستحضرات التجميل إلى جمع 322 مليون دولار عبر طرح مماثل.
ووفقًا لتقرير S&P Global Market Intelligence، شهدت السعودية العام الماضي 41 طرحًا أوليًا، جمعت من خلالها 4.06 مليار دولار. وعلى الرغم من أن عام 2019 لم يشهد سوى خمسة طروحات فقط، فإنها حققت 30.46 مليار دولار، مدفوعةً إلى حد كبير بالاكتتاب التاريخي لشركة أرامكو السعودية، الذي جمع 25.6 مليار دولار مقابل بيع 1.5% من أسهمها.
منذ إطلاق رؤية 2030 قبل تسع سنوات، حققت المملكة تقدمًا ملموسًا في تنويع الاقتصاد، مما عزز بيئة الاستثمار وجذب المزيد من رؤوس الأموال العالمية.
وساهمت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، بما في ذلك 133 مليار دولار لتطوير قطاعي الخدمات اللوجستية والنقل، في دعم نمو الناتج المحلي غير النفطي.
وقالت فرح النحلاوي، رئيسة الأبحاث في منصة MAGNiTT المتخصصة في بيانات رأس المال الجريء: “أصبحت السوق المالية السعودية وجهة مفضلة للإدراج بفضل السيولة القوية، والطلب المرتفع من المستثمرين المؤسسيين، ومواءمتها للمعايير الاستثمارية العالمية. كما أن الطروحات لم تعد مقتصرة على قطاع النفط، بل شملت التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والتجزئة، مما يعكس تنوع اهتمامات المستثمرين”.
وقد ساعد إدراج السوق السعودي في مؤشري MSCI وFTSE على زيادة ثقة المستثمرين الأجانب، مما عزز استقرار السوق وجاذبيته.
وعلى الصعيد الدولي، يُتوقع أن تُسهم هذه الطفرة في التوسع العالمي للشركات السعودية، حيث سيوفر رأس المال الإضافي القدرة على الاستحواذات الخارجية، والدخول إلى أسواق جديدة، وإبرام شراكات استراتيجية، مما يعزز الروابط التجارية للمملكة عالميًا.
ومع تدفق الاستثمارات الدولية نحو الاكتتابات السعودية، أصبحت الشركات المحلية في موقع قوي للتوسع في قطاعات رئيسية مثل الطاقة، والبتروكيماويات، والخدمات اللوجستية، والتصنيع، مما يرسّخ مكانة السعودية كقوة اقتصادية صاعدة على الساحة العالمية.