الوئام – خاص
تشهد الساحة السياسية في ألمانيا تحولًا غير مسبوق مع تزايد التقارب بين الأحزاب المحافظة وحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، وهو حزب يميني متطرف لطالما اعتُبر خارج إطار التوافق السياسي السائد.
تحولات سياسية
وفي هذا السياق، يقول حسام الحداد، الباحث السياسي، إن هذه التطورات تشير إلى تحول جوهري في المشهد السياسي الألماني، حيث أصبحت التيارات المحافظة أكثر استعدادًا للانخراط مع قوى اليمين المتطرف، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى داخل النظام الديمقراطي.
ويضيف “الحداد”، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن انفتاح الأحزاب الرئيسية على التعاون مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” لا يمثل مجرد تحوّل تكتيكي في سياسات الهجرة، بل يعكس تحولًا أعمق في الثقافة السياسية الألمانية. فلطالما التزمت الأحزاب التقليدية بعدم التعامل مع اليمين المتطرف حفاظًا على القيم الديمقراطية والدستورية، إلا أن هذا الخط الأحمر بدأ يتلاشى تدريجيًا.
منطق جديد
ويوضح الباحث السياسي أن هذه التغييرات لا تعني فقط قبول سياسات أكثر تشددًا تجاه اللاجئين، بل تؤسس لمنطق جديد قد يبرر إقصاء فئات أخرى من المجتمع تحت ذرائع مختلفة. وهذا بدوره يفتح الباب أمام تفكيك تدريجي لقيم التعددية وحقوق الإنسان، مما يشكل خطرًا مباشرًا على الديمقراطية الألمانية.
شبح النازية
ويُحذر “الحداد” من أنه، بعد ثمانين عامًا من سقوط النظام النازي، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ولكن بصيغ مختلفة. فصعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” إلى مشهد السلطة لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لخطاب سياسي يتلاعب بمخاوف المواطنين من الأزمات الاقتصادية واللاجئين، مستغلًا مشاعر الإحباط الشعبي تجاه الأحزاب التقليدية.
ومع استمرار هذا الاتجاه، قد يصبح اندماج حزب “البديل من أجل ألمانيا” في الحكم أمرًا حتميًا، مما قد يؤدي إلى سياسات أكثر عدائية تجاه اللاجئين والأقليات، وربما تصاعد موجات القومية المتطرفة التي تهدد السلم الاجتماعي داخل ألمانيا وأوروبا بشكل عام.
تداعيات دولية
ويختتم الباحث السياسي حديثه قائلًا: “قبول حزب يميني متطرف في الحكم ليس مجرد قضية داخلية ألمانية، بل هو مسألة ذات تداعيات أوروبية ودولية. فألمانيا، باعتبارها القوة الاقتصادية والسياسية الأكبر في الاتحاد الأوروبي، تؤثر بشكل مباشر على توجهات باقي الدول الأوروبية. وإذا ما استمر هذا التوجه، فقد نرى تصاعدًا عامًا لليمين الشعبوي في القارة، مما قد ينعكس على سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه قضايا الهجرة وحقوق الإنسان والتعاون الدولي. كما أن تزايد هذه النزعات قد يؤدي إلى تأجيج الحركات اليمينية المتطرفة في دول أخرى”.