الدكتور عيسى محمد العميري
كاتب كويتي
كانت رحلة عودة سوريا إلى أحضان العالم العربي عملية معقدة ومتعددة الأوجه. فبعد سنوات من العزلة بسبب الحرب الأهلية وتداعياتها الجيوسياسية، بدأت سوريا في إعادة الاندماج ببطء في المجتمع العربي، حيث كانت سوريا لفترة طويلة لاعباً محورياً في السياسة العربية.
وباعتبارها عضواً مؤسساً في جامعة الدول العربية، فقد أثرت تاريخياً على الديناميكيات الإقليمية.
ومع ذلك، أدى اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011 إلى تعليق عضويتها في الجامعة وتدهور كبير في العلاقات مع جيرانها العرب.
وأدى الصراع إلى أزمات إنسانية هائلة وهوية وطنية متصدعة، مما أدى إلى تعقيد المشهد السياسي في سوريا.
ولو أردنا أن نذكر الأسباب أو العوامل التي دفعت سوريا للعودة نجد هنا بأن توجب على سوريا أن تقوم بإعادة تموضع موقفها بين دول منطقة الشرق الأوسط والعالم وذلك بالنظر للتغير الجيوسياسي في الشرق الأوسط، وخاصة بعد هزيمة داعش وتغيير السياسات الخارجية الأمريكية، الدول العربية إلى إعادة النظر في موقفها من سوريا.
اتخذت دول في المنطقة خطوات لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، معتبرة المشاركة وسيلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
ويأتي سبب آخر هنا وهو الاعتبار الاقتصادي حيث تمثل احتياجات إعادة إعمار سوريا فرصًا اقتصادية للدول العربية الأخرى.
يمكن للاستثمار في البنية التحتية وجهود إعادة البناء أن يفيد الدول المجاورة، مما يخلق حافزًا متبادلًا للتعاون. يضاف إلى ذلك المخاوف الأمنية وشكل صعود الجماعات المتطرفة أثناء الصراع الأهلي في سوريا تهديدًا للأمن الإقليمي.
تدرك الدول العربية أن سوريا المستقرة يمكن أن تساعد في التخفيف من هذه التهديدات وتعزيز بيئة أكثر أمانًا. ولاننسى هنا النفوذ الإيراني، والذي تخشى العديد من الدول العربية الوجود الإيراني المتزايد في سوريا.
فقبل سقوط نظام الأسد كان ذلك الوجود الإيراني جاثماً على سوريا بشكل غير عادي ويتحكم في كثير من مفاصله وفي بعض الأحيان تكون القرارات في سوريا بصبغة إيرانية وبصماتها واضحة.
ولعل أبرز ذلك الدور هو إبعاد سوريا عن محيطها العربي على مدى عقود ماضية وتحديدا منذ بداية الثورة في إيران، حيث نتج عن ذلك الإبعاد الكثير من التأثيرات السلبية في منطقة الشرق الأوسط وزيادة معدل التوتر في المنطقة.
ولاحقاً إبان مع بداية الثورة السورية برز هذا التدخل المباشر في الصراع في مرحلة لاحقة من الحرب، ومع تصاعد الضغوط على النظام السوري، حيث دخلت إيران بشكل مباشر في الصراع من خلال دعمها العسكري لقوات الأسد.
هذا التدخل شمل إرسال عناصر من الحرس الثوري الإيراني، خصوصًا من وحدة “القدس”، التي كانت تشرف على العمليات العسكرية.
إيران دعمت كذلك تشكيل ميليشيات محلية وشيعية مثل “لواء فاطميون” و”زينبيون” من أفغانستان وباكستان، الذين قاتلوا إلى جانب القوات السورية.
وإجمالاً يمكن القول بأن إيران كانت حليفاً رئيسياً واستراتيجيا لنظام الأسد الساقط خلال الأزمة السورية، وبدون ذلك الدعم السياسي والعسكري، كان من المحتمل أن يواجه نظام الأسد تحديات كبيرة في مواجهة المعارضة منذ بدايتها في العام 2011.