عبود بن علي آل زاحم
خبير تدريب وتطوير
في خطوة استراتيجية تعكس التزام المملكة بتطوير الكفاءات الوطنية وضمان استدامة القيادة الفاعلة، وافق مجلس الوزراء على البرنامج الوطني للتعاقب والتطوير القيادي.
يمثل هذا القرار استثمارًا طويل الأمد في العقول التي ستقود المؤسسات الحكومية نحو مستقبل أكثر كفاءة وابتكارًا.
في بيئة عمل ديناميكية تتطلب سرعة الاستجابة والتكيف، يصبح التخطيط لتعاقب القيادات عنصرًا أساسيًا لضمان استمرارية الأداء الحكومي.
يهدف البرنامج إلى اكتشاف وصقل المواهب القيادية داخل المؤسسات، مما يسهم في تكوين قاعدة متينة من القادة الجاهزين للانتقال بسلاسة إلى المناصب العليا. فهو ليس مجرد إعداد للوظائف، بل بناء منظومة قيادية مستدامة تتكيف مع تحديات المستقبل.
تخيل بيئة عمل حكومية تكون فيها القيادة امتدادًا طبيعيًا للكفاءة، حيث يتم إعداد القادة قبل أن يحتاجوا إلى القيادة، ويتم صقل مهاراتهم ببرامج متخصصة تجعلهم مستعدين لأي تحدٍ.
هذا هو جوهر البرنامج الوطني للتعاقب والتطوير القيادي، رؤية استراتيجية، تنفيذ محكم، ومستقبل مليء بالقادة المؤهلين لقيادة التحول وتحقيق الطموحات.
القيادة ليست محطة، بل رحلة مستمرة تتطلب مهارات متجددة. ومن خلال هذا البرنامج، يتم وضع مسارات واضحة لتطوير القادة، بحيث يكون كل انتقال قيادي مدروسًا بعيدًا عن العشوائية أو القرارات الطارئة.
فبدلاً من البحث عن القائد المناسب عند الحاجة، يتم إعداده مسبقًا عبر برامج متخصصة تشمل التدريب والإرشاد والتقييم المستمر لضمان جاهزيته الكاملة لتحمل المسؤولية.
لطالما كانت الكفاءات البشرية المحرك الأساسي لتحقيق رؤية المملكة 2030. ومع هذا البرنامج، تعزز المملكة قدرتها على بناء جيل جديد من القادة القادرين على اتخاذ قرارات استراتيجية، وقيادة التحولات الكبرى، وضمان استدامة التميز الإداري.
فالبرنامج لا يقتصر على تأهيل قيادات الحاضر، بل يرسم ملامح مستقبل إداري قائم على الابتكار والكفاءة، حيث تصبح القيادة امتدادًا طبيعيًا للخبرة والتطوير المستمر، لا مجرد انتقال وظيفي.
بهذه الخطوة، تؤكد المملكة أن القيادة ليست منصبًا، بل مسؤولية تُنقل بأمانة من جيل إلى آخر، لتبقى المؤسسات الحكومية قوية، قادرة على مواجهة المتغيرات، وتحقيق أعلى مستويات الأداء. فالتحضير للمستقبل يبدأ اليوم، والقادة العظماء لا يولدون، بل يُصنعون.