انطلق ملتقى الجمعية السعودية للإعلام والاتصال لطلبة الدراسات العليا، وسط حضور مميز لأعضاء هيئة التدريس والطلاب والطالبات، الذين تفاعلوا بشكل لافت مع فعاليات الملتقى.
وافتتح الأمير الدكتور نايف بن ثنيان آل سعود الملتقى، مشيدًا في كلمته الافتتاحية بأهمية الحدث الذي يجمع المختصين والباحثين في المجال الإعلامي والأكاديمي.
وأكد أن الجمعية، منذ تأسيسها، التزمت بخدمة الإعلام والإعلاميين، وسعت إلى تعزيز الفرص الإعلامية، وبذلت جهودًا متواصلة لتحقيق رسالتها وأهدافها.
وأشار إلى أن استمرار المنتدى منذ انطلاق الجمعية وحتى اليوم يعكس التزامها بتطوير القطاع الإعلامي والارتقاء به، معربًا عن ثقته في استمرار تميز الجمعية، مشددًا على الدور المحوري لمثل هذه الفعاليات في دعم قطاع الإعلام والاتصال في السعودية.
شهد الملتقى حضور عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أباللخيل، ورئيس قسم الإعلام، الدكتور فيصل العقيل، إضافة إلى الأميرة دعاء محمد عزت، الرئيس الفخري للجمعية.
وخلال كلمته، أكد الدكتور جارح المرشدي، نائب رئيس الجمعية، أهمية مواكبة التطورات المتسارعة في قطاع الإعلام، سواء في مجالات صناعة المحتوى، أو تسويقه، أو التحقق من مصداقيته. وأشار إلى أن هذه التحولات تطرح تحديات وفرصًا جديدة، مما يستدعي من طلاب الدراسات العليا الاطلاع المستمر على المستجدات التقنية، واستشراف مستقبل الإعلام. كما شدد على أهمية هذه الملتقيات التي تجمع الباحثين وأصحاب الخبرة لعرض دراساتهم وملصقاتهم العلمية، مؤكدًا أن الهدف لا يقتصر على تبادل المعرفة، بل يتعداه إلى تحويلها إلى تطبيقات عملية.
واختتم حديثه متمنيًا أن تكون هذه اللقاءات انطلاقة لملتقيات مستقبلية تعزز التعاون وتبادل الخبرات في المجال الإعلامي.
من جانبها، أوضحت الدكتورة ماجدة السويح، رئيسة الملتقى، أن الحدث يجمع نخبة من الباحثين والأكاديميين والمتخصصين في الإعلام والاتصال، مما يجعله منصة مهمة لتبادل المعرفة ومناقشة أحدث المستجدات البحثية. وأكدت أن الملتقى يعزز دور الباحثين في دعم الجهود العلمية وإثراء المكتبة البحثية، بما يساهم في بناء قطاع إعلامي متطور يواكب رؤية السعودية 2030.
وأشارت إلى أن الملتقى، الذي يحمل عنوان “صناعة المحتوى الإعلامي… تحولات وتحديات”، ينعقد في وقت يشهد فيه المجال الإعلامي تغيرات جذرية بفعل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي. لذا، حرصت اللجنة المنظمة على تصميم برنامج متكامل يضم ورشة عمل متخصصة في توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وجلسة نقاشية مع الخبراء حول “الاتجاهات الحديثة في دراسات المحتوى الإعلامي”، بالإضافة إلى أوراق علمية تناقش “تكنولوجيا الإعلام وصناعة المحتوى”، ويختتم اللقاء بورقة علمية أخرى حول “تحديات صناعة المحتوى الإعلامي”، يليها تحدي “أطروحة في خمس دقائق”، الذي يتيح للباحثين تقديم أطروحاتهم البحثية بأسلوب موجز وفعّال.
أدوات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي
انطلق الملتقى بورشة عمل حملت عنوان “اكتشف قوة الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى”، قدمها الباحث المهتم بصحافة الذكاء الاصطناعي، جبير الأنصاري، طالب دراسات عليا في جامعة الملك سعود. تناول الأنصاري خلال الورشة التأثير المتنامي للذكاء الاصطناعي في الإعلام، مشيرًا إلى أن المؤسسات الإعلامية باتت تعتمد عليه في إنتاج الأخبار وتحليل البيانات، مما جعل الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في صناعة المحتوى الإعلامي.
استعرضت الورشة أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، مثل الصحافة الآلية، وتحليل بيانات الجمهور، وتحرير الصور والفيديوهات، وتحسين جودة الصوت، والكشف عن الأخبار الزائفة التي تُستخدم في وكالات الأنباء والصحف العالمية. كما تطرق الأنصاري إلى التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، مثل إمكانية إنشاء محتوى مضلل، والانحياز في المعلومات، واستبدال بعض الأدوار الصحفية، مشددًا على ضرورة الإشراف البشري لضمان دقة المحتوى. وفي ختام الورشة، تم التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لتعزيز العمل الإعلامي، ولكن يجب توظيفه بمسؤولية لتحقيق توازن بين التطور التكنولوجي والمصداقية الإعلامية.
الاتجاهات الحديثة في دراسات المحتوى الإعلامي
ضمن فعاليات الملتقى، أقيمت حلقة نقاش بعنوان “الاتجاهات الحديثة في دراسات المحتوى الإعلامي”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء، حيث ناقشت الجلسة التحولات والتحديات التي تواجه صناعة المحتوى الإعلامي في ظل التطورات الرقمية المتسارعة.
افتتح الحوار الأستاذ حمزة بيت المال، عضو هيئة التدريس السابق، متحدثًا عن التحديات التي تواجه صُنّاع المحتوى الإعلامي، مؤكدًا أهمية التعامل مع المحتوى في ظل تعدد الوسائط الإعلامية، حيث يُشكل المحتوى الركيزة الأساسية لأي رسالة إعلامية. كما استعرض تطور تحليل المحتوى الإعلامي، موضحًا وجود مدخلين رئيسيين في نشأته، هما الفلسفة التحليلية والترميز وفك الترميز، مقدمًا نماذج لأدوات وبرامج تحليل النصوص المستخدمة في دراسة المحتوى الإعلامي.
من جانبه، أكد الأستاذ الدكتور عبدالملك الشلهوب، رئيس هيئة تحرير المجلة العربية للإعلام والاتصال وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، أن البحث العلمي يُعد من الركائز الأساسية في تطوير المؤسسات الإعلامية، حيث يُشكل قاعدة أساسية لعمليات التخطيط ورسم السياسات الإعلامية.
وأشار إلى التحديات التي تواجه البحث في دراسات المحتوى الإعلامي الرقمي، ومنها التسارع الكبير في المشهد الإعلامي مقارنة بوتيرة البحث الأكاديمي، كما تناول أبرز الموضوعات البحثية في هذا المجال، مستعرضًا الأطر النظرية والمرجعية التي يتم توظيفها، ومؤكدًا على أهمية تطوير الدراسات البحثية لمواكبة التحولات الإعلامية المستمرة.
أدارت الجلسة الأستاذة عائشة العتيبي، التي شددت في مستهل حديثها على أهمية الموضوع في ظل الثورة الرقمية وتأثيرها العميق على المحتوى الإعلامي. امتدت الجلسة لمدة ساعة، تخللتها مداخلات علمية ونقاشات ثرية، قدمت رؤى حديثة حول تطورات المحتوى الإعلامي واتجاهاته المستقبلية.
اختُتمت الجلسة بالتأكيد على ضرورة تكثيف الجهود البحثية لمواكبة التحولات الرقمية وتعزيز الدراسات الإعلامية، بما يسهم في تطوير صناعة المحتوى وفق معايير دقيقة تتماشى مع المشهد الإعلامي المتغير.
التحديات الرقمية في صناعة المحتوى الإعلامي
استهل الملتقى أولى جلساته العلمية بعنوان “تكنولوجيا الإعلام وصناعة المحتوى”، التي قدمتها خديجة مريشد، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ورئيسة اللجنة الإعلامية للملتقى. خلال الجلسة، استعرض نايف كريري، طالب دراسات عليا في جامعة الملك سعود، أطروحته العلمية “تحول المستقبل إلى مرسل في ضوء الاتجاهات الحديثة لصناعة المحتوى الإعلامي”، موضحًا أن الإعلام شهد تحولًا جذريًا، حيث لم يعد الجمهور مجرد متلقٍ للمحتوى، بل أصبح شريكًا في إنتاجه ونشره عبر المنصات الرقمية. وأشار كريري إلى أن هذا التحول يعيد توزيع أدوار الاتصال، مما يفرض تحديات تتعلق بمصداقية المحتوى وأخلاقيات النشر، داعيًا إلى تطوير سياسات تنظيمية لضمان جودة المعلومات. كما شدد على أهمية التكامل بين الإعلام التقليدي والإعلام التفاعلي، مع توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لتعزيز التفاعل الإيجابي بين وسائل الإعلام والجمهور.
وفي السياق ذاته، قدمت عهود عسيري وأ. شروق المحمادي، طالبتا دراسات عليا في جامعة الملك خالد، ورقتهما العلمية بعنوان “أثر المحتوى الإعلامي السعودي في إثراء المحتوى الرقمي: البودكاست نموذجًا”، حيث استعرضتا نشأة وتطور المحتوى الرقمي السعودي، مع الإشارة إلى نظرية الثراء الإعلامي وعلاقتها بالبودكاست. وتوصلت الباحثتان إلى أن المحتوى الصوتي الرقمي يحتاج إلى تطويرات هيكلية ومهنية ليصبح مصدرًا موثوقًا للمعلومات، مؤكدتين أهمية الدعم التدريبي لصنّاع المحتوى، ووضع معايير مهنية لضبط جودة الإنتاج، وتعزيز التنوع عبر استضافة شخصيات مؤثرة في المجتمع.
وفي جلسة أخرى، ناقش عبده كريري، طالب دراسات عليا في جامعة الملك سعود، أطروحته العلمية “التكامل بين القائم بالاتصال والذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة”، حيث أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا أساسيًا في إدارة البيانات، والأتمتة، ومراقبة الوسائط، بينما يظل القائم بالاتصال مسؤولًا عن الجوانب الإبداعية، والذكاء العاطفي، والإشراف الأخلاقي. وأكد كريري أن تحقيق التوازن بين الذكاء الاصطناعي والاعتبارات الأخلاقية في العلاقات العامة يعتمد على مبادئ الاتصال المتماثل ثنائي الاتجاه لضمان تواصل فعال وأخلاقي مع الجمهور.
تحديات صناعة المحتوى الإعلامي
في الجلسة الثانية من الملتقى، التي أدارها نايف كريري، قدمت مها الجبر، طالبة دراسات عليا في جامعة الملك سعود، أطروحتها “انهيار السياق”، حيث ناقشت اختلاف تأثير المنصات الرقمية على التفاعل الاجتماعي بناءً على خصائص كل منصة. وأوضحت أن بعض المنصات تعزز الترابط الاجتماعي، بينما تفتقر أخرى إلى هذه الميزات، مما يؤثر على طبيعة العلاقات بين الأفراد. وأكدت الجبر أن دراسة تأثير المنصات الرقمية ضروري لفهم أنماط التفاعل الاجتماعي وتشكيل المجتمعات الرقمية.
كما طرحت أسماء جلال، طالبة دراسات عليا في جامعة الملك عبدالعزيز، ورقتها العلمية “الأبعاد الأخلاقية لاستخدام ChatGPT في صناعة المحتوى الإعلامي”، حيث ناقشت العلاقة بين الأخلاق التطبيقية والذكاء الاصطناعي في الإعلام، مشيرةً إلى التحديات التي يفرضها الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى. وأكدت جلال على أهمية إيجاد تشريعات قانونية وأخلاقية تحكم استخدام ChatGPT، لتحقيق التوازن بين الإبداع الإعلامي والمعايير الأخلاقية.
من جانبها، قدمت طيف الدوسري، طالبة دراسات عليا في جامعة الملك فيصل، ورقتها “سيميائية الصورة الصحفية للهوية الثقافية السعودية”، حيث ناقشت دور الصورة الصحفية في تعزيز الهوية الثقافية السعودية، مشيرةً إلى أن رؤية 2030 تركز على الإعلام الثقافي كوسيلة لتعزيز الانتماء الوطني ونشر الثقافة السعودية عالميًا. وأكدت الدوسري أن الدراسات السيميائية تسهم في فهم دلالات الصور وتأثيرها، مما يساعد في رفع الوعي وتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية للمملكة.
كما استعرض جبير الأنصاري أطروحته العلمية “دور محتوى الإعلام الرقمي في البناء الثقافي وتأثيره على الهوية”، مسلطًا الضوء على تأثير الإعلام الرقمي في تشكيل القيم الثقافية والتوجهات المجتمعية.
أطروحة في خمس دقائق
اختتم الملتقى فعالياته بعرض شهاب المخلافي لأطروحته “دور القنوات الفضائية اليمنية في تشكيل الوعي الاجتماعي لدى الشباب الجامعي”، حيث أشار إلى دور القنوات الفضائية في التأثير على المعرفة، والمشاعر، والسلوكيات لدى الشباب. وأوصى المخلافي بتكثيف البرامج التوعوية بالتعاون مع وزارة الإعلام، وإنتاج محتوى يعزز الوحدة الوطنية، ويعالج القضايا الاجتماعية، بما يسهم في بناء وعي متوازن بين الشباب.