تتبنى السعودية نهج السياحة التجديدية كجزء أساسي من استراتيجيتها البيئية، حيث تهدف هذه المقاربة إلى حماية البيئات الطبيعية من خلال أساليب علمية وممارسات مستدامة، متجاوزة مفهوم السياحة المستدامة الذي يركز على تقليل الأضرار، لتسعى إلى تحسين الوجهات السياحية عبر جهود الحفظ والتفاعل المجتمعي والمبادرات العلمية.
وتشمل هذه الجهود تطوير بنية تحتية صديقة للبيئة، وحماية التنوع البيولوجي، وإشراك المجتمعات المحلية في مشاريع الحفاظ على البيئة، لضمان فوائد طويلة الأمد على المستويين البيئي والاقتصادي. ويؤكد رائد البسيط، رئيس قطاع البيئة والاستدامة في شركة البحر الأحمر العالمية، أن الشركة تعتمد على الطاقة المتجددة بالكامل ضمن التزامها بالسياحة التجديدية.
وقال البسيط في تصريحات صحفية: “هذا الالتزام ليس مجرد شعار، بل هو مدمج في صميم بنيتنا التحتية… حيث يتم دمج الاستدامة في كل مرحلة من مراحل التصميم والبناء”. وأضاف: “يمكن للزوار اختبار ذلك بأنفسهم عند زيارة وجهة البحر الأحمر، حيث تتجلى التصاميم البيئية في جميع جوانب إقامتهم”.
وجهة البحر الأحمر.. نموذج فاخر للسياحة البيئية
تُعد وجهة البحر الأحمر على الساحل الغربي للسعودية مشروعًا فاخرًا يعكس مفهوم السياحة التجديدية، حيث ستضم بحلول عام 2030 نحو 50 فندقًا، و8,000 غرفة، وأكثر من 1,000 وحدة سكنية، مع وضع حد أقصى للزوار عند مليون زائر سنويًا للحفاظ على التوازن البيئي للمنطقة.
كجزء من هذا المشروع، طورت شركة البحر الأحمر العالمية منتجع ديزرت روك، وهو ملاذ فاخر يندمج بانسيابية مع محيطه الطبيعي. وقد صُمم المنتجع لتقليل استهلاك الطاقة وتعزيز الإضاءة الطبيعية، حيث تحتوي الغرف على فتحات واسعة تحاكي مداخل الكهوف، مما يسمح بدخول الضوء الطبيعي بكثافة.
تخطيط علمي لحماية البيئة البحرية
قبل بدء أعمال البناء في منتجع ديزرت روك، تعاونت شركة البحر الأحمر العالمية مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لإجراء دراسة تخطيطية بحرية شاملة، وهي الأكبر من نوعها في السعودية. وأوضح البسيط أن نتائج الدراسة ساعدت في وضع مخطط رئيسي يحدّ من التأثير البيئي، مما أدى إلى حصر التطوير في 22 جزيرة فقط من أصل أكثر من 90 جزيرة ضمن الوجهة.
إعادة تدوير الموارد للحفاظ على البيئة
اعتمد منتجع ديزرت روك على إعادة استخدام المواد المستخرجة أثناء الحفر، مما قلل الحاجة إلى استيراد مواد جديدة للبنية التحتية. وأوضح البسيط: “استخدمنا الأحجار الطبيعية من الجبال في الجدران الداخلية والخارجية، كما تم خلط الخرسانة باستخدام الرمال والحجارة المحلية”. وأضاف: “لتقليل التأثير البيئي أثناء البناء، ركزنا على التصنيع المسبق خارج الموقع”.
الطاقة الشمسية.. قلب الاستراتيجية المستدامة
تعتمد الفنادق والمنتجعات في وجهة البحر الأحمر بالكامل على الطاقة الشمسية، مما يتيح للزوار الاستمتاع بوجهة سياحية ذات بصمة كربونية صفرية. وأشار البسيط إلى أن المحور الأساسي لاستراتيجية الطاقة المتجددة في الشركة يتمثل في محطات الطاقة الشمسية الضخمة، التي تضم أكثر من 750,000 لوح شمسي.
وقال البسيط: “هذه المحطات تولد كهرباء نظيفة تقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الوقود الأحفوري، وتخفض بصمتنا الكربونية”. وأضاف: “لضمان توفير الطاقة بشكل مستمر حتى في أوقات عدم سطوع الشمس، أنشأنا واحدة من أكبر منشآت تخزين البطاريات في العالم، مما يسمح لنا بتخزين الفائض من الطاقة الشمسية واستخدامه خلال الليل”.
الطاقة المتجددة تتجاوز الفنادق لتشمل المطار وشبكات الاتصالات
لا تقتصر الطاقة المتجددة على منتجعات البحر الأحمر فقط، بل تمتد إلى مطار البحر الأحمر الدولي، الذي يسير بخطى ثابتة ليكون أول مطار في المنطقة يعمل بالكامل بالطاقة المتجددة. ووفقًا للبسيط، فإن حتى شبكة الجيل الخامس (5G) الخاصة بالمشروع تعمل بالطاقة الشمسية، مما يجعلها الأولى عالميًا التي تعتمد على أشعة الشمس كمصدر رئيسي للطاقة.
إدارة المياه بطرق ذكية ومستدامة
يعد الحفاظ على المياه جزءًا أساسيًا من استراتيجية الاستدامة في البحر الأحمر، حيث تم اعتماد أنظمة ري ذكية في كل من ديزرت روك وشيبارة، اللذين افتُتحا العام الماضي.
وأوضح البسيط: “أحد العناصر الرئيسية في جهودنا للحفاظ على المياه هو تنفيذ أنظمة مغلقة الحلقة”، مشيرًا إلى أن ديزرت روك يتميز بأنظمة متطورة لالتقاط مياه الأمطار وإعادة توزيعها لدعم الوادي المحيط، مما يساهم في إحياء النظام البيئي المحلي وتقليل الاعتماد على مصادر المياه الخارجية.
وأضاف: “يشمل تصميم المنتجع أيضًا تجهيزات موفرة للمياه ومناظر طبيعية مستدامة، مما يقلل من استهلاك المياه في العمليات اليومية”، مؤكدًا أن هذه التكاملات تعكس التزام الشركة بالعمل مع الطبيعة، وليس ضدها.