في خطوة علمية واعدة، أظهرت تجربة بريطانية أولية أن اختبار دم بسيط يمكن أن يكون منقذًا لحياة مرضى السرطان عبر تحديد العلاج الأنسب لكل مريض بدقة.
ويُجرى البحث ضمن تجربة “تارغيت ناشونال” بمستشفى كريستي في مانشستر، والتي تعتمد على تحليل الحمض النووي للمريض لاقتراح العلاج الأمثل وفقًا للطفرات الجينية المحددة.
يقول الدكتور ماثيو كريبس، كبير الباحثين في الدراسة، إن هذه التقنية تسهم في جعل “الطب الدقيق” متاحًا لعدد أكبر من المرضى، حيث يعتمد التحليل على استخراج أجزاء صغيرة من الحمض النووي الذي يخرج من الخلايا السرطانية ويدور في مجرى الدم.
ويتيح ذلك للأطباء رؤية الطفرات الجينية واقتراح علاجات أكثر استهدافًا، بدلاً من الاعتماد على العلاج الكيميائي التقليدي.
رغم أن اختبارات الحمض النووي متوفرة بالفعل في المستشفيات، إلا أنها غالبًا ما تتطلب خزعة جراحية، وهي إجراء يتطلب أخذ عينة من الأنسجة، غير أن تجربة “تارغيت ناشونال” تهدف إلى تقييم ما إذا كان اختبار الدم يمكن أن يُحسّن من نتائج المرضى، وذلك عبر دراسة تشمل 6000 مريض، بتمويل من مؤسسة كريستي للعمل الخيري ومؤسسة سير روبي روبسون.
ويعترف الباحثون بأن هذه الطريقة قد لا تكون فعالة مع جميع المرضى، لكن التجارب أظهرت بالفعل نتائج إيجابية، خاصة لدى المرضى المصابين بسرطانات متقدمة، حيث تمكن البعض من الحصول على علاجات تجريبية واعدة.
من بين الحالات التي استفادت من الدراسة، باميلا غارنر جونز، البالغة من العمر 78 عامًا، والتي شُخِّصت بسرطان عنق الرحم في مرحلته الرابعة، وقيل لها إن العلاج لم يعد يجدي نفعًا، لكنها حصلت على فرصة للمشاركة في التجربة، وتلقى اختبار دمها تطابقًا مع علاج مناعي تجريبي أدى إلى انكماش الورم بنسبة الثلثين.
وتعبر غارنر جونز عن امتنانها قائلة: “لم أكن لأطلب شيئًا آخر. لقد استعدت طاقتي، وعادت شهيتي – لقد أنقذ ذلك حياتي”، وتضيف بحماس أنها تتطلع الآن إلى الاستمتاع بعطلة مع الأصدقاء، وتناول الطعام خارج المنزل، وقضاء وقت في حديقتها.
مع استمرار تجربة “تارغيت ناشونال”، يأمل الباحثون أن يتم اعتماد اختبار الدم هذا ضمن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المستقبل، مما قد يغير جذريًا مسار علاج مرضى السرطان ويوفر خيارات علاجية أكثر دقة وفعالية.