خاص – الوئام
وسط أحراش الكونغو الديمقراطية، حيث تتشابك الغابات المطيرة مع القرى النائية، تفشى وباء غامض أودى بحياة العشرات وأصاب المئات في ظروف تثير القلق.
ومع عجز العلماء عن تحديد سببه الدقيق حتى الآن، تزداد المخاوف من تحول هذا المرض المجهول إلى تهديد صحي واسع النطاق، خاصة بعد التقارير التي تفيد بارتباطه المحتمل بالخفافيش.
أرقام مفزعة وتفشي سريع
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، سجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية 431 إصابة بالمرض حتى 15 فبراير، مع وفاة 53 شخصًا، بينهم أطفال. اللافت أن ما يقارب نصف الوفيات حدثت خلال 48 ساعة فقط من ظهور الأعراض، ما يسلط الضوء على شدة العدوى وسرعة انتشارها في المناطق المتضررة.
الخفافيش في دائرة الشبهات
تشير التحقيقات الأولية إلى أن تفشي المرض قد يكون مرتبطًا بتناول ثلاثة أطفال خفاشًا في يناير، ما أدى إلى وفاتهم لاحقًا إثر إصابتهم بنزيف حاد وقيء دموي.
ووفق ما نشرت نيويورك تايمز الأمريكية، تسلط هذه الفرضية الضوء على المخاطر الصحية المرتبطة بالاحتكاك المباشر بالحياة البرية، خاصة أن الخفافيش تُعد مستودعًا طبيعيًا لعدد من الفيروسات القاتلة، مثل ماربورغ والإيبولا، المنتشرين بالفعل في المنطقة.
في ضوء ذلك، تزداد المخاوف من احتمال ظهور مرض جديد ناشئ، ما يستدعي تحقيقات مكثفة لفهم طبيعة العدوى ومصدرها الفعلي، إلى جانب تعزيز إجراءات المراقبة الصحية والوقاية.
أعراض مقلقة وحالات حرجة
تشمل أعراض المرض الجديد الحمى، القيء، الإسهال، وآلامًا حادة في الجسم، فيما يعاني بعض المصابين من نزيف داخلي حاد، وهي أعراض تتشابه مع الحمى النزفية التي تسببها فيروسات مميتة.
رغم ذلك، لم تتمكن الفحوصات المخبرية من تأكيد وجود فيروسي إيبولا أو ماربورغ بين المصابين، ما يعقد جهود التشخيص والعلاج.
مناطق التفشي
تركزت الإصابات في إقليم إكواتور شمال غرب البلاد، حيث بدأ التفشي في قرية بولوكو قبل انتقاله إلى قرية داندا القريبة.
لاحقًا، ظهر تفشٍ أكبر في قرية بومات، حيث أصيب أكثر من 400 شخص، مما يجعل هذا الوباء أحد أخطر الأزمات الصحية التي تواجه المنطقة في الوقت الحالي.
اختبارات وتحقيقات
أرسل المحققون 18 عينة إلى العاصمة كينشاسا لتحليلها، لكن النتائج لم تحدد بعد الفيروس المسبب للوباء.
ويأتي هذا الوباء بعد عام واحد فقط من انتشار مرض غامض آخر في جنوب غرب الكونغو، والذي تبين لاحقًا أنه عدوى تنفسية معقدة تفاقمت بسبب الملاريا.
اضطرابات أمنية
فيما تكافح السلطات للسيطرة على التفشي، تواجه الكونغو الديمقراطية أزمة إنسانية معقدة بسبب النزاع العسكري بين الجيش ومتمردي حركة M23 المدعومة من رواندا.
ورغم أن المنطقة المتضررة بالوباء تبعد مئات الأميال عن ساحة الصراع، فإن تدهور الأوضاع الأمنية قد يؤثر سلبًا على جهود الاستجابة الصحية، مما يزيد من خطورة الوضع.
مخاوف مستقبلية
مع غياب تفسير واضح لهذا المرض القاتل، تزداد التحديات أمام السلطات الصحية في جهود احتوائه قبل أن يتفاقم. وفي ظل انتشاره السريع وضعف البنية التحتية الصحية في المنطقة، تبقى المخاطر قائمة.