بدأ رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، زيارة رسمية إلى السعودية تمتد من 19 إلى 22 مارس الجاري، وتهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وفقًا لبيان صادر عن مكتب الخارجية الباكستاني، يرافق شريف وفد رفيع المستوى يضم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار، إلى جانب مجموعة من الوزراء الفيدراليين والمسؤولين الحكوميين البارزين.
اقرأ أيضًا: العلاقات السعودية الباكستانية.. شراكة استراتيجية تمتد لأكثر من 70 عامًا
تواصل المملكة دعمها للاقتصاد الباكستاني عبر المساعدات المالية والاستثمارات المباشرة، ما يعكس متانة العلاقات بين البلدين.
وفي إطار رؤية السعودية 2030، تبرز فرص واعدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري في الطاقة، البنية التحتية، التعدين، والسياحة، مما يسهم في تحقيق مكاسب مشتركة للطرفين.
لقاء ولي العهد
اجتمع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في مكتبه بقصر السلام بجدة، مع رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف.
وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون الثنائي، وسبل تطويره في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.
اقرأ أيضًا: ولي العهد يبحث تعزيز التعاون والأوضاع الإقليمية مع رئيس وزراء باكستان
حضر الاجتماع عدد من كبار المسؤولين السعوديين، من بينهم الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، والأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، إضافة إلى الدكتور مساعد بن محمد العيبان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، وسفير المملكة لدى باكستان نواف المالكي.
تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية
تشكل زيارة شهباز شريف محطة هامة لتعزيز التعاون السعودي-الباكستاني، إذ من المتوقع الإعلان عن اتفاقيات استثمارية جديدة في مشاريع البنية التحتية التي تخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وبينما تواصل المملكة دورها القيادي في المنطقة، تأمل باكستان أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز مكانتها على الساحة العالمية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا: «آفاق جديدة للعلاقات السعودية الباكستانية» من التجارة إلى التعاون العسكري
تعكس زيارة شهباز شريف للمملكة التزام الطرفين بتطوير شراكة استراتيجية قوية ومستدامة، حيث لا تقتصر هذه الزيارة على كونها خطوة دبلوماسية، بل تمثل ركيزة أساسية لبناء مستقبل مزدهر بين البلدين، وتعزيز الاستقرار والتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
سيكون لهذه الزيارة تأثير إيجابي على العلاقات الثنائية بين باكستان والسعودية، وقد تساهم في تعميق التعاون في ملفات الإقليمية والدولية.
حجم التبادل التجاري
سجل حجم التبادل التجاري بين السعودية وباكستان نحو 80 مليار ريال (21.3 مليار دولار) خلال الأعوام الخمسة الماضية، ما يعكس فرصًا كبيرة للتوسع التجاري والاستثماري بين البلدين، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية التي تقودها رؤية 2030.
أكد إبراهيم المبارك، مساعد وزير الاستثمار، أن العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين حققت نموًا بنسبة 80% منذ 2016، مشيرًا إلى أن نحو ألفي شركة باكستانية مرخص لها بالعمل داخل المملكة.
جاء ذلك خلال افتتاح “منتدى الأعمال الباكستاني” تحت شعار “صنع في باكستان” بمدينة جدة في فبراير الماضي، بمشاركة 137 شركة باكستانية وحضور عدد كبير من رجال الأعمال السعوديين والدبلوماسيين.
اتفاقيات واستثمارات مستقبلية
أضاف المبارك أن هناك إمكانية لزيادة التعاون التجاري والاستثماري، مشيرًا إلى التزام السعودية باستثمار 5 مليارات دولار في باكستان، في ظل رغبة إسلام آباد في تعزيز تجارتها مع المملكة.
من جهته، أوضح وزير التجارة الباكستاني، جام كمال، أن بلاده تسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع السعودية، واصفًا التعاون الاقتصادي المشترك بأنه “جسر للدبلوماسية الاقتصادية”، يهدف إلى دعم تفاعل الشركات وتمهيد الطريق لاستثمارات طويلة الأمد.
اقرأ أيضًا: اللجنة العسكرية السعودية الباكستانية تعقد اجتماعها الثامن في الرياض
كشف كمال عن توقيع 34 مذكرة تفاهم بقيمة 2.8 مليار دولار، تشمل قطاعات الطاقة، التعدين، الزراعة، وتنمية الموارد البشرية. كما شهد ملتقى الأعمال السعودي-الباكستاني في الرياض وإسلام آباد توقيع 27 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بقيمة 8 مليارات ريال، شملت مجالات الطاقة، الزراعة، التعليم، والتكنولوجيا.
العلاقات التاريخية بين البلدين
ترجع جذور العلاقات بين السعودية وباكستان إلى عام 1940، حين زار الملك سعود بن عبدالعزيز (ولي العهد آنذاك) مدينتي بومباي وكراتشي، حيث التقى زعماء حزب الرابطة الإسلامية الذين دعموا فكرة استقلال باكستان.
كما شهدت العقود اللاحقة زيارات متبادلة، وكان الملك عبد الله بن عبدالعزيز أكثر ملوك السعودية زيارةً لباكستان، حيث زارها خمس مرات بين عامي 1984 و2006، بينما قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارتها مرتين.