الوئام – خاص
لا يزال قرار الحكومة الإسرائيلية، استئناف الحرب على قطاع غزة يلقي بتبعاته الكارثية على مستقبل وحياة الشعب الفلسطيني الأعزل، حيث أكد رياض منصور، مندوب فلسطين بالأمم المتحدة، أن عائلات فلسطينية محيت بأكملها جراء عدوان الاحتلال.
استراتيجية نتنياهو
ويرى الدكتور محمد الطماوي، الباحث في الشؤون السياسية والدولية، أن قرار إسرائيل بنقض الهدنة في غزة يعكس استراتيجية واضحة تتبعها “تل أبيب” في كل الحروب السابقة حيث تعتمد على التهدئة المؤقتة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الصفوف، ثم تعود إلى التصعيد العسكري لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية جديدة.
ويقول محمد الطماوي، في حديث خاص لـ”الوئام”: في هذه الحالة، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية، أرادت استغلال الهدنة لتقييم ميدان المعركة، ثم وجهت ضربات جديدة بهدف الاستنزاف وإجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات تحت الضغط العسكري.
وأضاف: من ناحية أخرى، تعاني حكومة نتنياهو أزمات سياسية داخلية، لا سيما فيما يتعلق بالتظاهرات المعارضة له واتهامات الفساد التي تلاحقه، مما يجعله بحاجة إلى استمرار الحرب لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية.
الدعم الأمريكي
وتابع : على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت أحد الضامنين للهدنة، فإنها لم تتخذ أي موقف حاسم تجاه انتهاك إسرائيل لها، بل على العكس، استمرت واشنطن في دعم تل أبيب سياسيًا وعسكريًا، متجاهلة النداءات الدولية المطالبة بالضغط على إسرائيل لوقف التصعيد.
ويعود هذا الانحياز الأمريكي إلى عدة عوامل، أبرزها التأثير القوي للوبي الصهيوني داخل دوائر صنع القرار في واشنطن.
ويضيف الطماوي : التقارير تشير إلى أن اللوبي الإسرائيلي” AIPAC” ينفق سنويًا أكثر من 100 مليون دولار على الحملات السياسية داخل الولايات المتحدة، مما يجعل أي رئيس أو مسؤول أمريكي حريص على عدم التصادم مع المصالح الإسرائيلية.
أضف إلى ذلك أن إسرائيل تعدّ شريكًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط، حيث تتلقى سنويًا دعمًا عسكريًا من الولايات المتحدة بقيمة 3.8 مليار دولار، بالإضافة إلى صفقات سلاح بمليارات الدولارات، مما يجعل واشنطن ترى في بقاء إسرائيل قوية مصلحة استراتيجية مباشرة.
الضغوط الاقتصادية
ويتابع الباحث في الشؤون السياسية والدولية: إسرائيل لا تعتمد فقط على الحرب العسكرية، بل تمارس حربًا اقتصادية خانقة ضد الفلسطينيين، حيث يُقدَّر حجم الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها غزة سنويًا بسبب الحصار بأكثر من 4.5 مليار دولار، بينما يبلغ معدل البطالة في القطاع أكثر من 50%، وهو الأعلى عالميًا.
وتستخدم تل أبيب هذه الضغوط الاقتصادية كأداة لفرض شروطها على الفلسطينيين، وهو ما يجعل إنهاء الاحتلال مرتبطًا ليس فقط بالمقاومة العسكرية، بل أيضًا بتفكيك الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية على فلسطين.
سيناريوهات متوقعة
واختتم الطماوي، حديثه قائلًا: التصعيد الحالي قد يذهب في اتجاهات مختلفة، إما نحو تسوية سياسية جديدة بضغط دولي وإقليمي، أو نحو تصعيد أوسع قد يمتد إلى جبهات أخرى، مثل الضفة الغربية وربما جنوب لبنان، كما أن استمرار الحرب من دون حل جذري قد يؤدي إلى تحولات جيوسياسية في المنطقة، حيث بدأت بعض الدول تفكر في إعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل.