كشفت دراسة أمريكية حديثة عن وجود علاقة وثيقة بين جودة النوم في مرحلة الطفولة والاستقرار النفسي في مرحلة المراهقة، مؤكدة أن الأطفال الذين يحصلون على نوم جيد وثابت هم أقل عرضة للإصابة باضطرابات نفسية في سن البلوغ.
وقاد الدراسة الدكتور جوزيف أ. باكالت، الأستاذ الفخري المتميز بجامعة أوبورن الأمريكية والمتخصص في علم النفس التنموي، والتي ركّزت الأبحاث على قياس التغيرات في نوم الأطفال من سن التاسعة وحتى بلوغهم سن 18 عاماً، وذلك باستخدام أجهزة دقيقة لمراقبة النوم وسجلات يومية، إلى جانب تقييمات سلوكية ونفسية متعمقة.
وشملت الدراسة خمس زيارات بحثية للعائلات على مدى تسع سنوات، واستخدم خلالها الباحثون جهازاً معصمياً يسجّل بيانات النوم بشكل موضوعي لسبع ليالٍ متتالية، إلى جانب اختبارات تقيس سلوكيات خارجية مثل العدوان وفرط النشاط، وأخرى داخلية كالاكتئاب والقلق.
وأظهرت النتائج أن مدة النوم انخفضت تدريجياً مع تقدم الأطفال في العمر بمعدل ست دقائق سنوياً، ليصل متوسط النوم في سن 18 إلى نحو 6.5 ساعة فقط – أقل من المعدلات الموصى بها للصحة المثلى، كما رُصد ارتفاع في تقلب النوم من ليلة إلى أخرى، ليبلغ الفارق نحو 18 دقيقة يومياً.
ورغم هذا التراجع العام، تبيّن أن الأطفال الذين حافظوا على نوم جيد – من حيث الطول والجودة والثبات – في سن مبكرة، أظهروا مؤشرات إيجابية في جوانبهم النفسية وسلوكهم الاجتماعي عند بلوغهم سن المراهقة.
وأكد باكالت أن انتظام النوم وتوازنه يرتبط بنتائج صحية ونفسية أفضل، داعياً إلى ضرورة التدخل المبكر لتحسين أنماط نوم الأطفال، لما له من أثر طويل المدى على صحتهم النفسية والاجتماعية.
ويأتي هذا البحث ضمن جهود علم النفس التنموي لفهم العوامل المؤثرة في مراحل الحياة المبكرة، وأثرها الممتد على سلوك الفرد ورفاهيته لاحقاً، مشدداً على أن النوم ليس رفاهية، بل أساس في بناء التوازن النفسي والعقلي.