البروفيسور: تركي بن عبدالمحسن بن عبيد
نجد أنفسنا نسافر بين الماضي والحاضر والمستقبل، ثلاثة أوجه لحقيقة واحدة متصلة. الماضي بمثابة جذورنا يحمل بين طياته قصص أسلافنا وتجاربهم ومعارفهم المتراكمة.
إنه بمثابة الأساس الذي بنينا عليه حاضرنا ويقدم لنا دروسًا قيمة تساعدنا في تشكيل مستقبلنا.
الحاضر هو اللحظة الراهنة هو نقطة التقاء الماضي بالمستقبل. إنه مسرح أفعالنا ومصدر إلهامنا، ومختبر تجاربنا. في الحاضر تتجسد إنجازات الماضي، وتتفتح براعم المستقبل. إنه الوقت الذي نصنع فيه القرارات، ونرسم فيه المسارات، ونحدد فيه مصائرنا.
المستقبل، هو الأفق الذي نتطلع إليه، هو عالم الاحتمالات والفرص. إنه نتاج أفعالنا في الحاضر، وتطلعاتنا المستمدة من الماضي. المستقبل ليس قدرًا محتومًا، بل هو لوحة قماشية بيضاء، بأيدينا نحن نرسم عليها ملامح الغد.
العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل هي علاقة جدلية، تفاعلية لا يمكن فصلها والماضي يغذي الحاضر بالخبرات والمعارف والحاضر يشكل المستقبل بالأفعال والقرارات، والمستقبل بدوره يلهم الحاضر بالتطلعات والآمال.
في خضم هذا التدفق الزمني المستمر يبرز دور العلم كقوة دافعة للتغيير والتقدم. فالعلم، من خلال منهجه القائم على الملاحظة والتجربة والتحليل، يساعدنا على فهم الماضي، وتفسير الحاضر، واستشراف المستقبل.
في الماضي، ساهم العلم في فك رموز الكون، واكتشاف قوانين الطبيعة، وتطوير الأدوات والتقنيات التي سهلت حياة الإنسان.
وفي الحاضر، يقود العلم ثورة تكنولوجية هائلة، تغير مفاهيمنا عن العالم، وتفتح لنا آفاقًا جديدة في مجالات الطب، والاتصالات، والطاقة، والفضاء.
أما في المستقبل، فيحمل العلم وعودًا بتحقيق طموحات البشرية في القضاء على الأمراض، واستكشاف عوالم جديدة، وتطوير حلول مستدامة لتحديات البيئة والموارد.
إلا أن هذه الرحلة عبر الزمن وهذا التقدم العلمي الهائل، يطرح علينا أيضًا مسؤوليات جسيمة. فالتاريخ يعلمنا أن التقدم لا يخلو من تحديات وأخطار، وأن سوء استخدام المعرفة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.
لذلك، يجب علينا أن نتعلم من الماضي، وأن نعيش الحاضر بوعي ومسؤولية، وأن نستشرف المستقبل
بحكمة وتبصر. يجب أن نسعى جاهدين لتسخير العلم والتكنولوجيا لخدمة الإنسانية جمعاء، وتحقيق التنمية المستدامة، وبناء عالم أفضل للأجيال القادمة.
إن فهمنا العميق للعلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، واستخدامنا الرشيد للعلم والمعرفة، هما مفتاحنا لعبور هذه الرحلة الزمنية بنجاح، وتحقيق إمكاناتنا الكاملة كبشر.