تربط السعودية والهند علاقات تاريخية تعود لعقود مضت، لكنها شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا نوعيًا نحو بناء شراكة استراتيجية شاملة.
وقد توّجت هذه العلاقة بتأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي-الهندي في عام 2019، برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ليكون منصة لتنسيق التعاون في مختلف القطاعات.
يمثل تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي الهندي في عام 2019 نقطة تحول محورية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.
مجلس الشراكة الاستراتيجية
هذا المجلس، الذي يرأسه كل من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، يمثل منصة رفيعة المستوى لتنسيق وتعزيز التعاون الشامل في مختلف القطاعات الحيوية.
زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى المملكة من شأنها أن تعزز العلاقات التجارية والاستثمارية، وخاصة في قطاع الطاقة الحيوي، حيث يعرب قطاع الأعمال في كلا البلدين عن تفاؤل كبير بمستقبل التعاون الثنائي.
ويتطلع رجال الأعمال إلى إطلاق مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي من خلال تدشين مشروعات مبتكرة ترسخ شراكة استراتيجية فريدة بين القطاعين الخاصين في المملكة والهند.
شريك تجاري رئيسي
الهند تحتل مكانة بارزة كشريك تجاري رئيسي للمملكة، حيث تعتبر ثالث أكبر مستقبل للصادرات السعودية ورابع أكبر مصدر للواردات إليها، مما يعكس الأهمية الاستثنائية للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين.
التبادل التجاري
وتُظهر بيانات وزارة التجارة والصناعة الهندية أن حجم التبادل التجاري بين نيودلهي والرياض بلغ نحو 43 مليار دولار خلال العام المالي 2024، حيث تركزت الصادرات الهندية إلى المملكة بشكل أساسي في المنتجات البترولية والبتروكيماوية.
وتتنوع السلع المتبادلة بين البلدين، حيث تشمل أبرز الصادرات الهندية إلى المملكة المنتجات الكيميائية العضوية وغير العضوية، واللؤلؤ والأحجار الكريمة والمعادن والنحاس والألمنيوم.
أما الواردات السعودية إلى الهند فتتضمن المنتجات النباتية والمعدنية، ومنتجات الصيدلة، والملابس، والمصنوعات الحديدية، والآلات والمعدات الكهربائية والمركبات.
ويعمل المجلس حاليًا على إطلاق عدد من المبادرات الطموحة، من بينها تفعيل اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات، وتسريع العمل باتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، بالإضافة إلى تقديم مقترحات تهدف إلى وضع أسس للمعاملة التفضيلية وتمكين المشروعات غير التقليدية من الاستفادة القصوى من المزايا المتاحة في كلا البلدين.
وفد شهدت الفترة لماضية افتتاح العديد من المقار الإقليمية للشركات الهندية في المملكة، والتي يتجاوز عددها حاليًا 50 شركة تنشط في قطاعات حيوية متنوعة، بما في ذلك المقاولات (بـ 20 شركة)، والصحة، والتدريب، والتقنية، مع التطلع نحو تعزيز التعاون في مجال التصنيع.
وتأتي زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في ظل تحولات اقتصادية عالمية، بما في ذلك فرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية واسعة النطاق، مما يدفع العديد من الدول، بما فيها الهند، إلى إعادة تقييم سياساتها التجارية والبحث عن أسواق بديلة وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الإقليميين لتخفيف الآثار السلبية للإجراءات الحمائية.