الدكتور محمد حسين سمير – أستاذ الإدارة بجامعة لندن وخبير التغيير والتطوير المؤسسي
في عالم القيادة والإدارة، تُعد القدرة على اتخاذ القرارات المدروسة والرشيدة أحد العوامل الحاسمة التي تحدد نجاح القادة في مسيرتهم المهنية والشخصية.
القائد الفعّال هو من يستطيع تحليل المواقف بعمق، واختيار الحلول المناسبة التي تحقق الأهداف دون التعرض لمخاطر غير متوقعة.إذ أن كل قرار يتخذه القائد يمكن أن يحمل تبعات غير مرئية قد تؤثر بشكل جذري على فريق العمل، المؤسسة، وحتى حياته الشخصية.
في هذا السياق ، يظهر مفهوم اثر الكوبرا” كأحد أبرز الأمثلة على كيفية تأثير القرارات غير المدروسة سلبًا، حيث يعكس هذا المصطلح عواقب القرارات التي تبدو موجهة نحو حل مشكلة ما، لكنها تساهم بشكل غير مباشر في زيادة حجم تلك المشكلة بسبب غياب التفكير العميق في العواقب المحتملة.
ومن هنا يتبين لنا أن اتخاذ القرارات يجب أن يكون مبنيًا على تقييم دقيق للسيناريوهات المحتملة، والاستعداد لتوقع التداعيات التي قد تطرأ.
أصل تسمية اثر الكوبرا”
تعود قصة اثر الكوبرا” إلى فترة الاستعمار البريطاني للهند في القرن التاسع عشر، حيث كانت السلطات البريطانية تواجه مشكلة كبيرة تتمثل في انتشار ثعابين الكوبرا في مدينة دلهي. كان السكان المحليون قد تضرروا من هذه الثعابين السامة.
وكان الحل الوحيد المقترح من قبل السلطات هو التخلص منها. لذا قررت الحكومة تقديم مكافأة مالية لكل شخص يقدم كوبرا مقتولة.
في البداية، يبدو أن هذه المبادرة قد أسفرت عن نتائج جيدة، إذ بدأ الناس في قتل الثعابين للحصول على المكافآت.
ومع مرور الوقت، بدأت تظهر نتائج غير متوقعة، حيث اكتشف البعض أن بإمكانهم تربية الثعابين في المنازل ثم قتلها للحصول على المكافآت.
وبمجرد أن اكتشفت السلطات هذه الحيلة، قامت بإلغاء المكافآت، ولكن الضرر كان قد وقع بالفعل، حيث تم إطلاق أعداد كبيرة من ثعابين الكوبرا في المدينة، مما أدى إلى تفاقم المشكلة بشكل كبير.
وهذا هو أثر الكوبرا”، أي الأثر العكسي الذي يترتب على اتخاذ قرار يبدو في البداية أنه حل لمشكلة ما، لكنه يؤدي إلى زيادة تعقيد المشكلة أو تفاقمها.