فُجعت الأوساط الإعلامية والفنية العربية، صباح أمس الأربعاء، بخبر وفاة الإعلامي السوري المحبوب صبحي عطري، عن عمر يناهز 48 عامًا، إثر تعرضه لذبحة صدرية مفاجئة أودت بحياته خلال زيارة قصيرة له في ألمانيا.
خلف الرحيل المفاجئ موجة واسعة من الحزن والصدمة، وتساؤلات حول الأيام الأخيرة في حياة وجه إعلامي طالما ارتبط اسمه بالابتسامة والحضور الراقي على الشاشة.
صبحي عطري وكواليس اللحظات الصعبة
رغم أن الوفاة حدثت قبل أيام، كما أشار الإعلامي اللبناني ربيع هنيدي الذي قال إنها وقعت قبل ثلاثة أيام من الإعلان، إلا أن الخبر لم ينتشر حتى فجر الأربعاء. وأكد مقربون من الراحل أن هذا التأخير جاء لحرصهم على إبلاغ والدته أولًا بالنبأ الصادم، والتي كانت في زيارة له بالإمارات قبل سفره المفاجئ إلى ألمانيا، ولم تكن على علم بالمصاب الأليم.
فور انتشار الخبر، ضجت منصات التواصل الاجتماعي بكلمات النعي والرثاء، وتصدر اسم صبحي عطري قوائم البحث والاهتمام في دول عربية عدة، وتحول رحيله إلى قضية رأي عام إعلامي وفني.
اللقاء الأخير.. وداع غير مقصود حمل أبعادًا جديدة
قبل أيام قليلة من وفاته، أطل صبحي عطري في لقاء مطول مع الإعلامية هبة الحيدري عبر قناة “المشهد”.
كان اللقاء بمثابة استعراض لمسيرته المهنية الحافلة بالصعوبات والنجاحات، لكن نهايته المفاجئة والمبكرة أضفت عليه بعدًا مؤثرًا وحزينًا.
“كأنه كان يودعنا”، هكذا وصفت الحيدري اللقاء في حديثها مع بي بي سي عربي.
عطري نفسه نشر مقطعًا من هذه المقابلة، معلقًا: “يمكن لأول مرة بسرد بالحديث عن حالي… حابب أحكي عن أشياء صارت معي في حياتي، التي لم تكن سهلة… عسى أن يستفيد من يسمع”.
بدا اللقاء حينها وكأنه شهادة شخصية، أو “وصية” غير مباشرة، سرد فيها تفاصيل حياته الصعبة، من فقدان والده مبكرًا وتحمل مسؤولية الأسرة، وعمله كعامل توصيل، إلى رحلته الشاقة نحو تحقيق حلمه الإعلامي.
رحلة كفاح من سوريا إلى نجومية الشاشة
لم تكن طريق صبحي عطري نحو النجومية مفروشة بالورود.
في لقائه الأخير، روى كيف غادر سوريا لتفادي الخدمة العسكرية، متجهًا إلى الإمارات ثم مصر، حيث بدأ أولى خطواته الإعلامية بمحاولة جريئة لإجراء مقابلة مع الفنان الراحل كمال الشناوي دون موعد مسبق.
نجاح تلك المقابلة ونشرها في مجلة “دبي الثقافية” كانت “نقطة الانطلاق”، كما وصفها.
مر عطري بأزمات مهنية، منها فقدانه لعمله الصحفي، مما اضطره للعمل لفترة قصيرة في متجر لبيع الأحذية، قبل أن تأتي فرصته الكبرى بالانضمام إلى شبكة “روتانا” ثم “إم بي سي”.
هناك، تحول من كاتب صحفي إلى مقدم برامج لامع، وأصبح وجهًا مألوفًا في برامج فنية شهيرة مثل “تريندينغ” ومراسلًا لـ”ET بالعربي”، مقدمًا أكثر من 2500 ساعة بث ومجريًا قرابة 3000 مقابلة.
صديق النجوم.. علاقات مهنية وإنسانية راسخة
تميز عطري بعلاقاته الطيبة والمهنية مع نجوم الفن. كان “صديق النجوم” الذي يلجأون إليه لثقتهم بأمانته، كما أشار في حديثه عن علاقته بالفنانة شيرين عبد الوهاب.
وتجلى ذلك في سيل النعي الذي غمر حسابات الفنانين والإعلاميين فور إعلان وفاته:
هيفاء وهبي: “ربنا يرحم الإعلامي الخلوق وصاحب الابتسامة الدائمة”.
إليسا: “كان مثالًا للرقي والروح الطيبة… حضوره على الشاشة كان خفيفًا وقريبًا من القلب”.
ديانا حداد: أشارت إلى خسارة الوسط الإعلامي لشخصية بارزة، مضيفة “سنفتقد بصمته ووجوده”.
بينما كان النعي عبر حساب ET بالعربي مؤثرًا، فتضمن: “في خبر حزين وقاسٍ… ننعى زميلنا العزيز صبحي عطري”.
حسم الجدل: صبحي عطري توفي بذبحة صدرية
وسط الحزن والتساؤلات، حسم خال الإعلامي الراحل، سمير أسعد، الجدل حول سبب الوفاة مؤكدًا عبر منشور على فيسبوك أن الوفاة نجمت عن “ذبحة صدرية”. وأشار مقربون إلى أنه كان يشكو من آلام في البطن قبل أيام من سفره ووفاته.
إرث إعلامي وإنساني
رحل صبحي عطري تاركًا وراءه مسيرة مهنية امتدت لأكثر من عقدين، تنقل خلالها ببراعة بين الصحافة المكتوبة والتلفزيون، وشارك في تغطية وتقديم أبرز الفعاليات الفنية العربية مثل “جوي أووردز” و”مهرجان البحر الأحمر السينمائي”.
وكان قد أصدر كتابًا بعنوان “سفينة روح” عام 2017، وشارك في تجربة تمثيلية لم تر النور، ليبقى رحيله المفاجئ بمثابة تذكير بقيمة الحضور الإنساني والمهني الذي تركه في قلوب زملائه ومتابعيه.