بدأت القصة في ظهيرة أحد أيام يوليو من العام 2023، في بلدة ليونغاثا الأسترالية الهادئة. استضافت إيرين باترسون، البالغة من العمر 50 عامًا آنذاك، مأدبة غداء في منزلها. كان من بين ضيوفها والدا زوجها المنفصل عنها، دون وجيل باترسون، والقس المحلي إيان ويلكنسون وزوجته هيذر.
على الطاولة، قُدّم طبق رئيسي بدا شهيًا: لحم بقر ويلينجتون، وهو طبق كلاسيكي يتكون من لحم ملفوف بالمعجنات. لكن، وبحسب ما ستكشفه التحقيقات لاحقًا، كان هذا الطبق يخفي سرًا مميتًا.
في الأيام التي تلت الغداء، بدأت الكارثة تتكشف.
أصيب الضيوف الأربعة بأعراض مرضية شديدة، لم يتمكن ثلاثة منهم من النجاة؛ توفي دون وجيل باترسون، وكذلك هيذر ويلكنسون، ضحايا لما اشتبهت السلطات لاحقًا بأنه تسمم حاد.
الناجي الوحيد كان القس إيان ويلكنسون، الذي خاض معركة مريرة من أجل حياته، قضاها لما يقرب من شهرين في المستشفى، حيث ذكرت التقارير أنه كان في حالة حرجة لدرجة انتظاره لعملية زرع كبد.
وجهت أصابع الاتهام نحو مضيفة الغداء، إيرين باترسون.
تركزت شكوك الشرطة حول طبق لحم البقر ويلينجتون، معتقدين أنه كان ملوثًا عمدًا بفطر “قبعة الموت” (أمانيتا فالويد) السام، وهو فطر بري ينمو في المنطقة ويشتهر بسميته الشديدة التي تدمر الكبد والكلى ببطء، رغم مذاقه الذي قد يكون خادعًا.
في نوفمبر 2023، وبعد تحقيقات مكثفة، ألقي القبض على إيرين باترسون.
نفت بشدة جميع التهم الموجهة إليها، مؤكدة براءتها. وفي بيان، ذكرت أنها استخدمت في طهي الطبق فطرًا اشترته من سلسلة متاجر كبرى وفطرًا مجففًا من متجر بقالة آسيوي، وأنها نفسها عانت من آلام في المعدة وإسهال بعد تناول الوجبة، وأن أطفالها، الذين لم يحضروا الغداء الأصلي، تناولوا بعض بقايا اللحم في اليوم التالي، لكنهم أزالوا طبقة الفطر لأنهم لا يحبونه.
الآن، وبعد مرور ما يقرب من عامين على المأساة، وفي أواخر أبريل 2025، بدأت محاكمة إيرين باترسون في محاكم لاتروب فالي القانونية في مورويل، على بعد ساعة بالسيارة من مسرح الجريمة المزعوم.
تواجه إيرين ثلاث تهم بالقتل وتهمة واحدة بمحاولة القتل (تتعلق بالقس إيان ويلكنسون). وقد تم اختيار هيئة محلفين من 15 شخصًا (سيتم تقليصهم إلى 12 لاحقًا)، وقد أسقط الادعاء تهمة منفصلة كانت تزعم محاولتها قتل زوجها المنفصل عنها.
وجه القاضي كريستوفر بيل هيئة المحلفين إلى ضرورة تقييم الأدلة “بتجرد”، باستخدام عقولهم لا قلوبهم، في قضية استحوذت على اهتمام عالمي، وألهمت العديد من البودكاست والأعمال الوثائقية.
ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة لمدة ستة أسابيع، حيث سيقدم كل من الادعاء والدفاع مرافعاتهما الأولية وأدلتهما وشهودهما، بينما يترقب العالم نتيجة هذه القضية المعقدة والمأساوية لمعرفة الحقيقة وراء غداء الفطر القاتل.