عبدالجبار الخليوي – كاتب وروائي وصاحب العديد من الإصدارات الأدبية
نسمع كثيرًا بعض الناس يقولون: “أنا لا أحب القراءة”، وكأن حب القراءة صفة فطرية يولد بها الإنسان أو لا يولد بها، والحقيقة أن القراءة مثلها مثل كثير من العادات التي تُكتسب بالممارسة، وتُنمى بالتجربة؛ فحين يقول أحدهم إنه لا يحب القراءة، فإنما يعبر عن واقع لم يعطِ لنفسه فرصة تغييره، ويختصر مشكلته بجملة تقطع عليه طريق المحاولة والحوار مع الآخرين.
الفرق بين القولين كبير، وبينهما بون شاسع؛ فقولك: “أنا لا أقرأ” هو اعتراف بالواقع الذي تعيشه دون إطلاق حكم دائم على الذات، إنه يفتح باب التغيير، ويمنحك فرصة لتبدأ من جديد، أما قولك: “أنا لا أحب القراءة” فهو يحكم بالإغلاق، وكأن الأمر خارج عن إرادتك.
القراءة ليست حكرًا على فئة معينة من الناس، ولا هي هواية نادرة قل من يُجيدها، إنما هي غذاء للعقل، ونافذة على العالم، وطريق لفهم الذات والآخرين. ربما لم تجد بعد النوع المناسب من الكتب التي تتناسب مع رغباتك، أو ربما لم تعش التجربة في وقت مناسب، فكثير من القُرّاء المحبين اليوم بدأوا من موقف الرفض أو الملل، لكنهم حين وجدوا الكتاب المناسب تغيّرت نظرتهم للقراءة.
رجاءً بدلاً من أن تقول: “أنا لا أحب القراءة”، جرب أن تسأل نفسك: لماذا لا أقرأ؟ ما الذي قد يجذبني؟ هل جربت أن أقرأ في مجالات تهمني؟، وستجد أن المسألة ليست في الحب، بل في البداية.
لا تطلب القراءة منك أن تكون مثقفًا، بل أن تكون فضوليًا، أن تجرّب، أن تكتشف، أن تمنح عقلك فرصة للانفتاح والتأمل، وستتفاجأ حينها بأن حب القراءة قد تسلل إليك من حيث لا تحتسب.