خالد حبش – خبير في الشؤون الأمريكية
تمضي مسيرة الباحثين والعلماء السعوديين بخطى واثقة نحو المستقبل، واليوم من مدينة أتلانتا الأميركية، نسلّط الضوء على إنجاز جديد يُضاف إلى رصيد الوطن، عبر قصة الباحث والعالم السعودي الدكتور عبد الرحمن الدويد، ضمن جهودٍ بحثية طموحة تستهدف بناء مستقبل خالٍ من الأمراض المزمنة والوراثية، وبشكل خاص في مجال مكافحة السرطان.
تُعد مدينة أتلانتا في ولاية جورجيا الأمريكية من أبرز المراكز البحثية والصحية في الولايات المتحدة، حيث تحتضن المقر الرئيسي لـ مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، الجهة الفيدرالية المسؤولة عن رصد الأوبئة ومكافحتها محليًا وعالميًا. كما تضم أتلانتا عددًا من الجامعات البحثية الرائدة مثل جامعة إيموري ومعهد جورجيا التقني، واللذين يساهمان بشكل فعال في أبحاث الأمراض المعدية، السرطان، والصحة العامة. هذا التفاعل بين المؤسسات الأكاديمية والطبية جعل من أتلانتا بيئة علمية متقدمة ووجهة محورية في مجال تطوير اللقاحات، علاجات الأورام، والاستجابة السريعة للأزمات الصحية العالمية مثل كوفيد-19.
تحدثتُ إلى الباحث والعالم السعودي الدكتور عبد الرحمن الدويد حول إنجازه العلمي الجديد، فأجاب بكل فخر واعتزاز وقال:
“بفضل دعم وطني الحبيب، المملكة العربية السعودية، وصلتُ إلى ما أنا عليه اليوم. ويسرّني أن أشارك واحدة من أبرز محطات رحلتي العلمية: وهي مشاركتي كعالم سعودي في أول بعثة طبية بحثية حيوية أميركية إلى ليبيريا، وغرب أفريقيا. ومن موقعي في قسم الجراحة بكلية الطب في جامعة مورهاوس، كان لي شرف عظيم أن أُختار لتمثيل فريق أبحاث سرطان البروستاتا في مهمة تاريخية تمزج بين العلم والخدمة والدبلوماسية.”
خلال هذه الرحلة التحولية ، سعدت بلقاء بعضٍ من أبرز الشخصيات القيادية في ليبيريا ، بمن فيهم فخامة الرئيسة السابقة إلين جونسون سيرليف، وفخامة الرئيس السابق جورج ويا ، بالإضافة إلى نائب الرئيس الحالي فخامة جيريمياه كيبان كونغ ، ووزيري الصحة والسياحة . تمحورت نقاشاتنا حول رؤية مشتركة : بناء قدرة بحثية طبية حيوية مستدامة في ليبيريا ، تبدأ بسرطان البروستاتا ، وهو مرض يؤثر بشكل كبيرعلى الرجال من أصل غرب أفريقي ، وكذلك تأسيس برنامج دراسات عليا ( دكتوراه ) في كلية الطب بجامعة A.M Dogliotti لتدريب الجيل القادم من العلماء في مجال الأبحاث الطبية .
كجزء من هذه المهمة ، قدمت عرضًا بحثيًا رئيسيًا في مركز JFK الطبي ، وهو أبرز مستشفى في ليبيريا ، أمام الأطباء وأخصائيين المسالك البولية وطلاب الطب . كما حظيت بفرصة مميزة للحديث مع الصحافة ووزارة السياحة حول أهمية زيارتنا ورؤيتنا لتأسيس أول مختبر متخصص بأبحاث سرطان البروستاتا في ليبيريا . وفي لفتة دعم قوية ، تبرع فريقنا بأربع فريزرات بحثية وثلاجة واحدة لدعم هذا الجهد.
كما زرت معهد ليبيريا التاريخي للبحوث الطبية الحيوية (L.I.B.R)، الذي لعب دورًا محوريًا خلال أزمة الإيبولا العالمية ، ويستعد اليوم ليكون حجر الأساس في بنية أبحاث السرطان في غرب أفريقيا .
لقد كانت هذه المهمة أكثر من مجرد تبادل علمي ؛ كانت التزامًا إنسانيًا . لقد حملت راية المملكة العربية السعودية على صدري بفخر، ومثلت نفسي ووطني بكل شرف . أؤمن أن هذه اللحظة ليست مجرد إنجاز شخصي ، بل دليل على أن العلم يمكنه أن يبني جسورًا بين الثقافات ويخدم الإنسانية و المساهمة في بناء مستقبل صحي أفضل في ليبيريا من خلال تعزيز أبحاث سرطان البروستاتا هو إرث سأفخر به دومًا ، ومسؤولية أحتضنها بكل امتنان وعزيمة. وعند لقائي بالتلفزيون الرسمي الليبيري وأمام الوفد الرئاسي شملت كلمتي الخطاب التالي:
”كمواطن سعودي ، نشأت على قناعة راسخة بأن الناس جميعهم سواسية، بغض النظر عن عِرقهم أو خلفيتهم أو جنسيتهم. نحن ننبذ أي شكل من أشكال العنصرية، ونؤمن بعمق بالإنسانية، والكرامة، والاحترام المتبادل بين الجميع. هذه القيم تُمثّلني وهي جزء من تكويني وتشكل جوهر كل ما أقوم به أثناء تمثيلي لوطني“.