ريم المطيري
عندما يلتقي قادة الدول، لا تقتصر الرسائل على ما يُقال علنًا، بل تمتد إلى ما يُرى ويُفهم ضمنيًا.
هذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في اللقاء الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث كانت الهوية الثقافية السعودية حاضرة بقوة، ليس فقط من خلال الرموز، بل أيضًا عبر الأداء الاتصالي والبروتوكولي.
في هذا اللقاء، ظهر الأمير محمد بن سلمان مرتديًا الزي الوطني التقليدي: الثوب، الغترة، والبشت، في مقابل البدلة الغربية الرسمية التي يرتديها ترمب.
قد يبدو هذا تفصيلاً شكليًا، لكنه يحمل في طياته رسالة ثقافية عميقة، إنها صورة بصرية مكثفة لهوية سعودية تمارس الانفتاح دون أن تتخلى عن جوهرها.
المصافحة القوية، الابتسامات المتبادلة، ونبرة الحديث الواثقة كلها عناصر تشير إلى توازن في التواصل، حيث يُدير ولي العهد اللقاء بلغة معاصرة تعكس الهوية السعودية الجديدة التي تتكئ على إرث ثقافي راسخ وتُقدم نفسها للعالم بصيغة المستقبل.
هذه ليست مجرد دبلوماسية، بل تواصل حضاري عابر للثقافات، يُظهر السعودية شريكًا عالميًا يحتفظ بملامحه الأصيلة.
الهوية هنا ليست عنصرًا تجميليًا، بل أداة قوة ناعمة. فكما أن السياسة تُدار بالمصالح، فإن الهوية تُدار بالرموز الذكية والخطاب العميق. وفي لحظة لقاء رسمي كهذه، تُصبح الهوية الثقافية السعودية رسالة في حد ذاتها: رسالة طمأنينة، سيادة، واحترام للذات.
لقاء الأمير محمد بن سلمان وترمب لم يكن مناسبة دبلوماسية فحسب، بل كان عرضًا حيًا لهوية وطنية تنبض بثقة ووعي واحتراف، وهو ما يجعلنا ندرك أن السياسة اليوم تُدار بمنظور ثقافي بقدر ما تُدار بلغة المصالح.