يشكل مشروع الدرعية، الذي يحتضن العاصمة الأولى للدولة السعودية، تحولًا تاريخيًا ليصبح وجهة عالمية بارزة.
فمن هذه البقعة انطلقت رؤية الإمام محمد بن سعود الوحدوية، محولةً “دولة المدينة” إلى مشروع “الدولة الشاملة” الساعية لتوحيد الجزيرة العربية تحت مظلة الاستقرار والتقدم.
تاريخيًا، سجلت الدرعية اسمها كمحطة حيوية على طرق التجارة القديمة، واشتهرت بعمارتها الحجرية الفريدة، ووادي حنيفة الذي يخترقها، وازدهارها بالمساجد والمدارس والحقول الخصبة وبساتين النخيل، كما عُرفت بكونها موطنًا لسلالة الخيول العربية الأصيلة ذات الشهرة الواسعة.
وحافظت الدرعية على اسمها عبر القرون، وعُرفت أيضًا بـ “العوجا”، وهو الاسم الذي أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز دلالته المكانية وأنه يشير إلى الدرعية نفسها.
استراتيجيًا، أقرت المملكة برامج طموحة لتطوير الدرعية عمرانيًا وثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مستعيدةً مكانتها كعاصمة الدولة السعودية الأولى التي لعبت دورًا محوريًا في تاريخ البلاد.
وفي خطوة نوعية، أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، في يناير 2023 عن ضم مشروع الدرعية كخامس المشروعات الكبرى المملوكة للصندوق، مؤكدًا بذلك على أهميته الوطنية والاقتصادية ليصبح مشروعًا فريدًا على مستوى العالم بما يزخر به من مقومات تراثية وثقافية وسياحية.
جغرافيًا واقتصاديًا، تقع الدرعية شمال غرب الرياض، وهي موقع تراث عالمي مُدرج على قائمة اليونسكو.
وتبلغ التكلفة الإجمالية لإنشاء المدينة حوالي 64 مليار دولار، يتم إنفاقها تدريجيًا لتمويل البنية التحتية وعمليات التشييد، يلي ذلك طرح قطاعات من المشروع للاستثمار.
سياحيًا وتجاريًا، سيضم المشروع عند اكتماله 42 فندقًا فاخرًا يحمل أسماء علامات تجارية عالمية مرموقة، وأكثر من 500 متجر تجزئة لأشهر العلامات التجارية، وأكثر من 100 مطعم متنوع، مما سيجذب استثمارات أجنبية كبيرة.
كما سيشتمل المشروع على 110 آلاف متر مربع من المساحات المكتبية الإبداعية تضم أكثر من 23 مبنى مكتبيًا.
تطويريًا وبيئيًا، تتسارع وتيرة الإنجاز في مشروع الدرعية، مع خطط للإعلان عن افتتاح مشاريع وأصول متنوعة سنويًا بدءًا من عام 2022 وحتى الاكتمال.
وبالإضافة إلى المشروعات الإنشائية، يولي المشروع اهتمامًا بالغًا بالطبيعة والغطاء النباتي، حيث سيوفر مجموعة من المساحات الترفيهية المفتوحة، بما في ذلك 6 حدائق تمتد على مساحة تفوق 2 كيلومتر مربع تتخللها أكثر من 9 كيلومترات من الممرات والمسارات للمشي وركوب الدراجات والخيول.
كما سيضم 6 معارض وأكثر من 26 معلمًا ثقافيًا وأكثر من 400 متجرًا متنوعًا، بالإضافة إلى أكثر من 100 سوقًا وبازارًا للحرف التقليدية والمنتجات اليدوية والعلامات التجارية العالمية.
وسيتم توفير مواقف سيارات مكونة من 3 طوابق تحت ميدان الدرعية، تقدر مساحتها الإجمالية بنحو مليون متر مربع وتستوعب أكثر من 10500 مركبة.
الدرعية.. لقاء يجمع بين التاريخ والمستقبل
من المقرر أن تشهد الدرعية خلال الزيارة الحالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة حدثًا بارزًا، حيث يستعد لاستقباله في هذه المدينة التاريخية التي تحمل رمزية عميقة للدولة السعودية.
وستكون زيارة الرئيس ترامب للدرعية فرصة لاستعراض التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة في إطار رؤية 2030، حيث تتحول العاصمة الأولى للدولة السعودية إلى وجهة عالمية تجمع بين التاريخ والتراث والحداثة.
وسيشهد الرئيس الأمريكي خلال الزيارة عرضًا لأبرز المشروعات التي يتم تنفيذها في الدرعية، والتي تهدف لإعادة تأهيله ليصبح مركزًا ثقافيًا وسياحيًا واقتصاديًا بارزًا.