خاص – الوئام
في لحظة سياسية استثنائية، تتجه أنظار العالم إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث تستضيف قمة خليجية أمريكية مرتقبة، بالتزامن مع أول زيارة رسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب في ولايته الثانية.
الحدث يحمل دلالات عميقة على المستويين السياسي والاقتصادي، ويعيد إلى الأذهان قمة مايو 2017 التي شهدت توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات، لكن هذه القمة تأتي في سياق إقليمي أكثر حساسية، في ظل تصاعد التوترات الدولية وتبدل التحالفات.
تكهنات حول إعلان أمريكي مفاجئ
سبقت هذه القمة أجواء من التكهنات، غذّاها تصريح غامض لترمب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في 6 مايو، حين وصف الإعلان المرتقب بأنه “مهم جدًا”، دون الكشف عن مضمونه.
في هذا السياق، نقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية احتمال أن يشمل الإعلان الأمريكي اعترافًا رسميًا بالدولة الفلسطينية، في خطوة قد تُحدث زلزالًا سياسيًا في المنطقة.
إذا تحقق هذا الاعتراف، فسيكون نقطة تحول كبرى في مسار القضية الفلسطينية، ويدفع نحو إعادة تقييم التحالفات الإقليمية، خصوصًا بين الدول الخليجية والولايات المتحدة.
وفي المقابل، من المتوقع أن تُوقّع في القمة سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية، بعضها تم التفاوض عليه مسبقًا، بالإضافة إلى الحديث عن إعفاءات جمركية خليجية في السوق الأمريكية.
زيارة ترمب توفر فرصة ثمينة لتدشين مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين واشنطن والرياض، وقد تكون بمثابة انطلاقة نحو شراكة أكثر رسوخًا.
رؤية 2030
منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تبنّت المملكة العربية السعودية مشروعًا إصلاحيًا طموحًا على مسارين متوازيين: الاقتصادي والاجتماعي، للابتعاد عن الاعتماد الكلي على النفط.
وتحوّلت “رؤية السعودية 2030” من وثيقة طموحة إلى خطة عملية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتغيير أنماط العيش والاستهلاك، بما يضمن استدامة النمو.
مشاريع كبرى
تتمحور المشاريع الضخمة مثل مدينة “نيوم”، ومنتجعات البحر الأحمر، وناطحات السحاب في قلب الرياض، حول تحويل المملكة إلى مركز حضري عالمي.
وفي المقابل، يبرز قطاع التعدين كأحد الرهانات الاقتصادية الكبرى، حيث تتوسع شركة “معادن” في استغلال الذهب والبوكسيت، بينما تبدي شركات أجنبية اهتمامًا متزايدًا بالنحاس.
الطاقة المتجددة
في إطار التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، توسّع السعودية استثماراتها في الطاقة الشمسية، بالتعاون مع شركات صينية كبرى.
تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها في سوق الطاقة النظيفة دون المساس بأمنها التقليدي، ما يعكس إدراكًا استراتيجيًا لمعادلة الطاقة العالمية الجديدة.
المرأة السعودية
لا يقل التحول الاجتماعي في السعودية أهمية عن التغيير الاقتصادي، خاصة فيما يخص تمكين المرأة في سوق العمل.
منذ عام 2018، ارتفعت نسبة النساء العاملات من 20% إلى 36%، بفضل إزالة القيود القانونية ودعم المبادرات الاجتماعية، ما أسهم في خلق أسر ذات دخل مزدوج ونمو الطبقة الوسطى.
السياحة الداخلية
شهد قطاع السياحة الداخلية انتعاشًا كبيرًا مدفوعًا بسياسات تنشيطية ومبادرات محلية؛ وقفز عدد الإقامات الليلية من 60 مليونًا عام 2016 إلى أكثر من 100 مليون في 2023، ما يدل على تغير واضح في الثقافة الاستهلاكية والترفيهية للمواطن السعودي.
الداخل الطموح والدور الإقليمي الفاعل
يُدرك ولي العهد أن التنمية لا تكتمل دون دور إقليمي فاعل، ولذلك تسعى المملكة إلى صياغة مكانة جديدة كقوة سياسية واقتصادية واجتماعية في المنطقة.
وفي حال تمكنت من الموازنة بين الطموحات الداخلية والشراكات الاستراتيجية، قد تتحول الرياض إلى مركز القرار الجديد في معادلات الشرق الأوسط القادمة.