مأزق التعليم الأهلي في جدة

كانت لنا دراسة وصفية سابقة حول مدارس التعليم العام بجدة صدرت في كتاب بعنوان (خذ مسافة..) مع دار جداول للنشر.

ظننت حينها أن المدارس العامة الحكومية تحمل كأسا من الماء المسموم وجرعات هي التلقين وبلادة الحراك والنمو  بدا واضحا في شقوق الدراسة الوصفية المؤلمة.

لكني ومع قرب الممارسة والنظر والحوار مع ملاك ومدراء ومعلمي وطلاب وأولياء أمور المدارس الخاصة بذات المدينة (جدة) صدمت بحال هو الى التلاشي والتغمية أقرب منه للجدية والتقدم. الجميع لديه خطط الجميع ليس لديه خطط !

خطط مكياجية ممزقة لا تحكمها هوية معرفية .. مرة يسمونها استراتيجية ومرة تشغيلية .. وهي في الحقيقة ليست هذا ولا ذاك.. والعجيب أنها ذات الخطط المتوفرة لدى مدراء مدارس التعليم العام.

أي خطط هذه التي لا تحمل فلسفات او غايات تربوية طموحة ينشدها فريق العمل؟

أي خطة هذه التي لا تنطلق استراتيجياتها من هذه الفلسفة التربوية الغائية المحورية؟

ما هي المحوريات او الأبعاد الإنسانية لذاك الطالب والمعلم التي تنطلق منها الحركة التربوية لبناء إنسان ذو أبعاد متعددة هي الفكر والجسد والوجدان والروح ؟!

أدهشني في كل الخطط الملفقة لهذه المدارس الخاصة استعمال تحليل (سوات) مباشرة بعد رؤية ورسالة منسوخة ثم أهداف لا علاقة لها بالتحليل المشتغل عليه!! تحليل صاغه عقل واحد ربما مدير المدرسة وربما النت.!

أهداف لا تمس التحليل الرباعي لسوات .. أهداف عامة هلامية لا زمن ولا وضوح ولا تحديد فيها؟

لا أكتمكم القول .. لقد أصابني الغيض.

أي مدارس هذه التي تسمى خاصة ثم هي بقالات أحياء شعبية ؟

أي ضمير يحمله هؤلاء الملاك للقبول بهكذا مستوى ؟

إن ما يتسابق إليه حرفي من وصف هو ألم ليس فقط من رداءة ما وصفت من تنظير ، بل ما لاحظته من دقائق التفاصيل الأخرى الرديئة للمعلم والطالب والتقاليد المدرسية والنظام التربوي والإداري والتنجيح والتسليك لحجب الحقيقة المرة.

كنت أظن التركيب والتعقيد الممنهج يصنع او يقود هذه المدارس .. لم أَجِد غير التفتيت والتلقين وتكريس التقليد والكسل والإعتمادية على معلم (مقيم مهضوم) يتدلل عليه الإداري السعودي كما يتدلل عليه الطالب المتكاسل المتراخي .

ويل لكم أيه الملاك من رب عظيم قادر. ويل لكم من أجيال لن تفعل للمستقبل غير الإغماض والموت..أي ظلم تخطه أيديكم وقلوبكم الناعسة الحالمة للمال وفي المال فقط..يجب أن يتوقف صنيعكم .. يجب أن تتغيروا .

أنتم لا تُختارون الا العاجز والبليد والرخيص .. لا مكان لديكم للمبدع ..

لا تستثمرون في العقول .. لا ثقافة او فكرا ثاقباً يقود مدارسكم ومسيرتكم .. الوطن لكم كما يبدو إناء للحلب ..

هل سننتظر طويلا رحماتكم لليقظة والإيقاظ ؟

من يظمن لنا ذلك ؟

يجب أن يتحمل المجتمع مسؤوليته ويسائلكم..

أو عليكم أن تتغيروا سريعا للمنافسة الشريفة واستقطاب الإبداع من خلال قادري الإبداع والتجديد من أبناء الوطن ، ممن لا تصلون إليهم بسبب الواسطة او رداءة المكافآت او طربكم لذوي السمع والطاعة وتنفيذ مضامين رغائبكم خوفاً من السؤال و الحجاج والنقد ..!

إن ما رأيناه يسمى في ميزان النهوض الحضاري واقع عدمي أو يكاد ..!

إن التقدم ثمنه تجاوز المألوف.. ثمنه إبداع حر متحرر من سطوة التقليد إبداع يروم المستقبل .. مستقبل هو للطالب التحدي والمتعة والمنفعة ..

إن مطالب المستقبل والوطن يا سادة.. توظيف منهج الإبداع في عقل ووجدان الطالب والمعلم وكفى.