الـسرد الـمـبـين فـي بـتـر أيـدى الـمـتـطرفـين

تُعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي عانت من الحوادث الإرهابية بجميع ظواهرها وأنواعها وأولت اهتماماً بالغاً على مختلف المجالات للتصدي لها، سواءً على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي وبخطوات جادة.

تُعتبر رئاسة أمن الدولة ضمن أجهزة الدولة التي تواجه وتحارب الاتجاهات والكيانات المتطرفة وكل ما يُضر بأمن الوطن وما يسكن في نطاقه من مواطنين ومقيمين وزائرين ولها آثار ملموسة في التصدي لذلكمن خلال السرد الآتي:

أولاً: مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية:
والذي يضم في عضويته علماء الشريعة ومصلحين ومختصين اجتماعيين ونفسيين, ومجهز بجميع التجهيزات التعليمية والفكرية والترفيهية التي تسهم في إعطاء نتائج إيجابية, ولهم موقع إلكتروني (www.mncc.org.sa), ويرى بعض الخبراء بأن المركز يشكل الإطار المؤسسي لمواجهة الفكر المنحرف بأسلوب عصري فعال وفق مبدأ الوقاية الذي انتهجته التوجهات العقابية الحديثة في المؤسسات الإصلاحية التي تهدف إلى إعادة تأهيل النزلاء وإصلاحهم من خلال برامج التأهيل والرعاية تمهيداً لدمجهم في المجتمع من جديد ليصبحوا أعضاء صالحين في بيئاتهم.

ثانياً: الإدارة العامة لمكافحة التطرف:
من خلال عضويتها في بعض المنظمات الدولية والعربية داخل المملكة وخارجها, ومشاركتها في بعض الأنشطة الاجتماعية على ضوء مهامها الفكرية والمجتمعية ذات الطابع التحصيني وذلك بهدف الحفاظ على كيان المجتمع السعودي ونسيجه الاجتماعيمن أيدى المتطرفين والمفسدين بل والسعي في ابراز كل مما شأنه تعزيز وحماية عقول أفراد المجتمع من عبث أهل التطرف والانحراف الفكري.

والمساهمة ضمن منظمات الدولة الحكومية والأهلية والتطوعية والخيرية في ترسيخ وتحقيق دعائم الأمن الشامل بجميع مجالاتها في اطار مفاهيم الأمن الاستراتيجي, ومؤخراً تم انشاء معرف بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) باللغة العربية والإنجليزية الأول:(ce_pss@), والثاني(ce_pss_en@) لذات الغرض.

ثالثاً: المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب:
والذي تم انشاءه بتاريخ 21 مايو لعام 2017م, بإطار قانوني يعتمد على مذكرة تفاهم موقعة من المملكة العربية السعودية ممثلة في (رئاسة أمن الدولة) والولايات المتحدة الامريكية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفته مركز دولي لاستهداف ممولي الأنشطة الارهابية ومقره (الرياض) ومن مهامه الرئيسية قمع تمويل الأنشطة الإرهابية واتخاذ التدابير الكفيلة بذلك من خلال تصنيف الأفراد والكيانات الممولة للناشطة الارهابية والاعلان عنها وفرض الجزاءات بحقها.

رابعاً: كلية نايف للأمن الوطني:
والتي تعتبر بمثابة عرين للأمن الوطني عبر برامجهم النوعية في الاطار الفكري والأمني التوعوي الموجه لرجال الأمن في العالم وخاصة في الدول العربية والخليجية لجميع القطاعات من عسكريين وموظفين بهدف رفع قدراتهم الوظيفية لمواكبة مستجدات الجرائم الفكرية المتطرفة في ظل الثورة المعلوماتية والمعرفية المعاصرة.

وأيضاً مشاركتها في الندوات والمؤتمرات الأمنية والاعلامية والدينية عبر كوادر من منسوبيها مختصين في تلك الجوانب بنظرة شاملة في مكافحة التطرف الفكري, إضافة لجهودها في التوعية الفكرية لمنسوبي الجهات الأهلية والتطوعية والحكومية من وزارات وهيئات وخاصة منسوبي وزارات (العدل, التعليم, وزارة الشئون الاسلامية والدعوة والارشاد, والنيابة العامة).

واستقبالهم في مقر الكلية وإقامة برامج توجيهية وتوعوية مرفق بها عروض مرئية وتقديم إيجاز عن أهم القضايا الإرهابية التي حصلت أو أٌحبطت في المملكة مع مشاهدة بعض المضبوطات الأمنية بهدف تكوين وتعزيز حصانتهم الفكرية, وتعزيز شراكتهم المجتمعية فيما يسهم بشكل ايجابي بهذا الشأن.

خامساً: اجراءاتها الأمنية والمتمثلة في الآتي:
- الإجراءات الوقائية: وهذا يتمثل في دور بيانات المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة والمؤتمرات الصحفية والمحاضرات التوعوية والتثقيفية والمهرجانات ومعارض الكتاب ومهرجان الجنادرية.

وما تضمنته من شرح للقضايا التي تم القبض على أعضائها وتفاصيل أدوارهم, وهذا – ولله الحمد - كوّن لدى أفراد المجتمع عامة وعي مجتمعي وفكري وقائي بأساليب الجماعات الدينية المتطرفة ووسائلهم وأهدافهم وأكاذيبهم مما ساهم في تجفيف منابعهم الفكرية وتضييق نطاق دائرة تأثيرها.

- الإجراءات العلاجية: وذلك من خلال ما يُعلن عنه من إجراءات القبض وما يتم من التحقيق والتحري عن أعضاء وأنشطة الجماعات الدينية المتطرفة وكشف ارتباطاتهم الداخلية والخارجية ومصادرهم الفكرية والمالية.

وتحديد وسائل التواصل بينهم وغير ذلك, وجمعها من قبل المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة واستخدامه للوحات الإيضاحية والرسوم التقريبية, وهذا ساهم – ولله الحمد – في الحد من عمليات استقطاب الشباب من قبل تلك الجماعات وكشفهم وإعاقة تحركاتهم في مهدها خلال المراحل الأولى من تلك العمليات قبل استفحالها.

- الإجراءات الإصلاحية: وذلك من خلال محاكمتهم وإعلانها عبر الصحف الإلكترونية وكذلك المقابلات التي تجري معهم بالإعلام وتضمنت أسفهم ومراجعاتهم الفكرية, وهذا يسهم في تعزيز مبدأ العقاب وكأنه يرسل رسالة توعوية فكرية مجتمعية مفادها أن من تسول له نفسه الإقدام والانضمام للجماعات الدينية المتطرفة سيكون مآله العقاب والسجن.

أسال الله أن يكلل جهودهم بالنجاح, ويحفظ بلادنا من عبث العابثين وكيد الكائدين المناوئين, ولسان حال كل مواطن غيور تجاه ذلك الجهاز العظيم يتوافق مع قول الشاعر العربي:

مديحك خير مدح المادحينا ** وشكرك واجب دنيا ودينا

*باحث في مكافحة التطرف الفكري