المملكة تتبوأ مكانة رائدة في صناعة الطيران المدني العالمي

احتفت الهيئة العامة للطيران المدني أمس بحلول الذكرى السابعة والخمسين لانضمام المملكة لاتفاقية شيكاغو الذي يصادف التاسع عشر من شهر فبراير من عام 1962 ميلادية، لتصبح من أول (52) دولة اجتمعت لوضع الاتفاقية التي بموجبها تأسست منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو).
ويعكس هذا الحدث العالمي مكانة المملكة وتأثيرها على مستوى الطيران المدني في العالم، إذ يمثِّل هذا اليوم منعطفا تاريخياً رئيساً في تاريخ الإيكاو لوضع قواعد العمل في مختلف عمليات وتنظيم الطيران المدني، وتحديد المعايير والمقاييس التي تستهدف السلامة والأمن، وبلورة العمل المشترك والقرارات الدولية في مجالات صناعة النقل الجوي.
ومنذ انضمام المملكة لهذه المنظمة العريقة ــــ التي تتبع هيئة الأمم المتحدة ــــ وهي تؤدي دوراً مهما في أنشطة الإيكاو، الأمر الذي أهّل لانتخابها في عام 1986م، لأول مرة لعضوية مجلس المنظمة، ويعاد انتخابها في كل دورة منذ ذلك الحين بلا توقف.
وتقوم المملكة بأدوار حيوية في الوصول بصناعة النقل الجوي إلى أفضل المستويات الدولية، وأسهمت في ترسيخ التعاون بين دول العالم في مجال الطيران المدني، وبلورة العمل المشترك وتنظيم حركة النقل الجوي العالمية، وصياغة القرار الدولي في المجالات المتعددة لصناعة النقل الجوي، وفي مقدمتها السلامة والأمن، وقد شكّل ذلك كله عاملاً مهماً في تطوير صناعة النقل الجوي التي تستفيد البشرية من خدماتها وإنجازاتها.
وعززت المملكة من مسيرة الإيكاو بالعديد من المواقف والمناسبات الهامة التي شكلّت منعطفا في مسيرة المنظمة أبرزها دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) أثناء لقاءه برئيس منظمة الإيكاو لأهمية وجود اللغة العربية في الإيكاو كلغة رئيسة في موقع المنظمة على الشبكة العنكبوتية، وعليه دعمت المملكة إنشاء النسخة العربية منه لتصبح إحدى اللغات الرسمية المعتمدة في الموقع.
وفي سبتمبر 2016م دشّن معالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني موقع منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) بنسخته العربية، وقد أتاح ذلك لجميع ناطقي اللغة العربية التعرف على المنظمة وقرارتها وتوصياتها.
وتأكيدا على حضور المملكة الفاعل في منظمة الإيكاو فقد فازت في 2018م في انتخابات مفوضية الملاحة الجوية (ANC) التابعة للإيكاو، بمنصب (نائب رئيس مفوضية الملاحة الجوية لتطبيق الإجراءات الفنية) وحصلت على عضوية اللجنة الإقليمية للموارد البشرية للمجلس الدولي للمطارات لقارة آسيا ودول الباسيفيك (ACI) وعضوية معظم اللجان التابعة للإيكاو والتي يبلغ عددها (31) لجنة.
وقدمت المملكة الدعم المادي للمشاريع التي تضطلع الإيكاو بتنفيذها، فعلى سبيل المثال أعلنت المملكة في أغسطس 2016 عن تقديمِ دعم مالي قدره (مليون) دولار أمريكي لبرنامج الإيكاو الذي طرحته تحت عنوان "ضمان عدم ترك أي دولة خلف الركب NCLB"، لمساعدة الدول غير القادرة على تطبيق القواعد القياسية والأساليب الموصى بها الخاصة بسلامة وأمن الطيران، وبحيث يقدم هذا المبلغ على مدار ثلاث سنوات، وفي عام 2010م قدمت المملكة للإيكاو مبلغاً وقدره (152,508) دولارا يمثل مساهمة المملكة في دعم برنامج تدقيق أمن الطيران وآلياته وبرامج السلامة الجوية على المستوى العالمي، وفي عام 2008م قدمت المملكة (250,000) دولار أمريكي لدعم مشروع الإيكاو لرفع مستوى سلامة الطيران المدني في القارة الأفريقية (AFIPLAN).
وللدلالة على اهتمام المملكة بتطوير منظومة النقل الجوي في العام استضافت المقر الدائم لمنظمة مراقبة السلامة الإقليمية لإقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA RSOO) التابع للإيكاو واستضافت ومولت المقر الدائم للبرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط (CASP-MID) التابع للإيكاو، وتساهم المملكة بفعالية في جهود الإيكاو الرامية لحماية البيئة الناجمة عن الآثار السلبية لتشغيل الطائرات، من خلال العديد من المبادرات والدراسات التي تطرح في المؤتمرات والندوات التي تقيمها الإيكاو أو تشرف عليها.
وقدمت المملكة (100) فرصة تدريب في (الأكاديمية السعودية للطيران المدني) يستفيد منها لمختصون في الدول النامية، فيما تحظى مطارات المملكة الدولية بعضوية مجلس المطارات العالمي ACI، وتحظى أغلب الناقلات الجوية في المملكة بعضوية الاتحاد الدولي للنقل الجوي IATA، وتحظى المملكة بعضوية منظمة الملاحة الجوية الدولية CANSO. وتشارك في أنشطتها وقراراتها وإنجازاتها بفاعلية كبيرة.
وفي مايو 2013 نظمت المملكة (المؤتمر الدولي لأمن المطارات والمعرض المصاحب له) والذي استمرت فعالياته لمدة يومين، وشاركت فيه العديد من المنظمات العربية والدولية وهيئات الطيران المدني، إضافة الى العديد من الشركات الدولية والمحلية المتخصصة في مجال صناعة أجهزة ومعدات أمن المطارات، واستضافت في ذات العام الاجتماع الثاني لمدراء الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط والذي نظمه المكتب الاقليمي للإيكاو وبحث الاجتماع على مدى ثلاثة أيام عددا من القضايا ذات العلاقة بتطوير قطاع الطيران المدني وبلغ عدد أوراق العمل المقدمة فيه (46) ورقة.
وفي 2012م استضافت المملكة مؤتمر الإيكاو لمفاوضات الخدمات الجوية شارك فيه أكثر من (350) مفاوضا أتوا من (62) دولة تمثل كافة أقاليم العالم، وامتدت فعاليات المؤتمر لمدة خمسة أيام عُقدت فيها أكثر من 350 جلسة، تمخض عنها إبرام (130) اتفاقية، واستضافت ورشة ICAO New Flight Plan (نموذج الإيكاو الجديد لخطة الطيران) والتي تعتبر أحد متطلبات الخطة العالمية للتقنيات المطلوبة للملاحة الجوية.
لقد ساهمت المملكة في دعم إصدارات منظمة الإيكاو وبشكل خاص المتعلقة بأمن وسلامة الطيران وسعت المملكة جاهدة لتحقيق التوازن بين نمو صناعة النقل الجوي، وأثر الطيران على تغير المناخ، وضرورة عدم تحميل بعض الدول أعباء إضافية لمعالجة أمور هي غير مسئولة عنها تاريخياً.
وتجتاز المملكة بكل كفاءة وبشكل متواصل البرنامج العالمي للتدقيق على سلامة الطيران المدني التابع للإيكاو والذي تخضع له مرافق وتجهيزات النقل الجوي في مختلف الدول، مما يعكس مدى التزام المملكة بالمنهج الدولي لتحقيق وتطبيق نظم السلامة.
كل ذلك أهل المملكة لتتبوأ مكانة مرموقة ومتميزة في المحافل الدولية المتخصصة في صناعة الطيران المدني، وفي مقدمتها منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، التي تقود مسيرة الطيران المدني في العالم، وهي المظلة الدولية التي تلجأ إليها الدول للمساعدة، لا سيما في وضع الأنظمة والتشريعات، وتطبيق البرامج وتنفيذها.
وانطلاقا من تلك المكانة الرائدة ستواصل الهيئة العامة للطيران المدني جهودها بكل عزم ومثابرة وبالتعاون مع هيئات الطيران المدني في الدول الصديقة المؤمنة بدور ورسالة الإيكاو، مستشرفة آفاق النجاح وتخطي العقبات والصعوبات.