أوروبا ترفض عودة الدواعش.. وتترك وباءهم للعرب

تطرح عودة الإرهابيين وعائلاتهم مخاوف لدى السلطات الأمنية في الدول الغربية، إذ يرى مسؤولون أمنيون أنهم تلقوا تدريبات وحصلوا على مهارات وقدرات تجعلهم يشكلون خطرا أمنيا كبيرا.

وبعد أعوام من انضمام الإرهابيين إلى صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي تأبى بلادهم إعادتهم بعد جرائمهم ضد الإنسانية التي ارتكبوها حتى أصبحوا معلقين بلا هوية، وتتحمل البلدان العربية تبعات أعمالهم.

في وقت سابق، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بـ"استعادة أكثر من 800 من إرهابيي داعش تم أسرهم في سوريا، وتقديمهم للمحاكمة"، مهددا بأن الولايات المتحدة ستضطر إلى إطلاق سراحهم في حالة عدم استردادهم.

واشنطن نفسها التي دعت الدول الأوربية إلى تسلّم مواطنيها، رفضت عودة الإرهابية هدى مثنى إلى بلادها مرة أخرى.
وقال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، في تغريدة نشرها على حسابه الشخصي بموقع "تويتر" الأربعاء :"لقد أصدرت تعليمات لوزير الخارجية مايك بومبيو، وهو يوافقنى تماماً، بعدم السماح لهدى مثنى بالعودة إلى البلد!".

 ووفق وسائل إعلام فإن مثنى، من ولاية ألاباما الأمركية، سافرت إلى سوريا قبل 5 سنوات للالتحاق بتنظيم داعش، وتزوجت من 3 رجال، وتقول إنها نادمة على ما فعلته وتتوسل أن يسمح لها بدخول أمريكا مجددا.

ألمانيا

وتعقيبا على تصريحات ترامب، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في تصريحات متلفزة، الإثنين الماضي، إنه "سيكون من الصعب للغاية تنفيذ ذلك".

وتابع: "عودة هؤلاء ستكون ممكنة فقط إذا ضمنا أن يمثلوا أمام القضاء فور عودتهم، ويكونوا رهن الاحتجاز".

ونقلت صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار، عن مصادر لم تسمها، أن عدد عناصر داعش الألمان المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، شمالي سوريا، يتخطى الـ40 مسلحًا، فضلا عن 80 طفلا ولدوا معظمهم في الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم.

ووضع وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر شروطا أمام استعادة برلين مقاتليها المنخرطين في صفوف "داعش"، والمحتجزين في سوريا.

وفي تصريحات لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية الخاصة أمس، قال زيهوفر: "لتحقيق المصالح الأمنية لبلدنا، لا بد للحكومة الاتحادية أن تضع شروطا لإتمام عملية استعادة المقاتلين الحاملين للجنسية الألمانية والمحتجزين في سوريا".

وأوضح أن "كل حالة يجب أن تفحص على حدة، قبل أن يوضع الشخص في الطائرة التي ستقله لألمانيا".

وأكد ضرورة "معرفة هوية كل مقاتل بشكل كامل، والتأكد من أنه لا يمثل خطرا أمنيا".

وأضاف وزير الداخلية الألماني: "لا بد أن تكون الاتهامات الموجهة لكل مقاتل واضحة قبل استعادته، وأيضا يجب أن تكون الأدلة التي تملكها الدول الأخرى ضده معروفة لنا".

ومضى قائلا: "لا بد من منع مقاتلي داعش من حاملي الجنسية الألمانية، الذين ارتكبوا جرائم كبيرة إبان قتالهم في صفوف التنظيم من التحرك بحرية في بلادنا".

وتابع: "لا نريد أن نستعيد أشخاصا خطرين قبل أن نتأكد بشكل كامل من إمكانية احتجازهم في ألمانيا فور وصولهم، يجب أن تكون صادرة بحق كل مقاتل ارتكب جرائم خطيرة مذكرة توقيف من القضاء الألماني قبل استعادته".

فرنسا

أما فرنسا من بين أكثر الدول قلقاً من عودة الأجانب المنضمين لصفوف داعش إلى بلدانهم، إذ شهدت سلسلة من الهجمات التي كان وراءها تنظيم داعش، ومن بينها الهجوم الدامي في باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 الذي أدى إلى مقتل 130 شخصاً.

ووفق مصادر أمنية فرنسية، فإن باريس يمكن أن تستعيد 130 شخصاً، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن أن هؤلاء يشملون 70 إلى 80 طفلاً يحتجزون مع أمهاتهم.

وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة الإرهابيين وزوجاتهم رفضاً قاطعاً، وأشار إليهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان باعتبارهم "أعداء" الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق.

وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبي إن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي لاستعادة المئات من مقاتلي داعش، موضحة أن فرنسا ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة".

وأضافت بيلوبي، في تصريحات متلفزة: "هناك وضع جيوسياسي جديد في ظل الانسحاب الأمريكي. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي.. لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب ترامب".

بريطانيا

وبعد حديث ترامب، بدأت أسر هؤلاء المسلحين والمرتبطين بهم في بريطانيا في التحرك لعودة ذويهم.

وكانت الواقعة الأشهر لـ"شاميما بيجوم" الفتاة البريطانية الشهيرة بـ"عروس داعش" التي انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي منذ 4 سنوات قبل أن تفر من ويلات الحرب.

وقالت أسرتها إنها "أنجبت طفلا في مخيم للاجئين السوريين"، مطالبة لندن بإعادتها مع طفلها.

غير أن الداخلية البريطانية أسقطت عنها الجنسية رافضة عودتها.

وأكدت لندن أنها لن تقبل عودة عناصر داعش، وشددت على ضرورة محاكمة المسلحين الأجانب في المكان الذي ارتكبوا فيه جريمتهم.

وقال وزير الأمن البريطاني بين ووليس، في تصريحات سابقة، إن حكومة بلاده لن "تخاطر بأرواح مواطنيها لاستعادة الدواعش المحتجزين في سوريا والعراق".

كما أكد وزير الداخلية البريطاني ساجيد جاويد أنه "لن يتردد" في منع عودة البريطانيين المنتمين لـ"داعش"، وقال: "بصفتي وزيرا للداخلية، فإن أولويتي هي ضمان سلامة وأمن هذا البلد ولن أسمح بتعريضه للخطر".

الدنمارك

المتحدث باسم رئيس الوزراء الدنماركي مايكل ينسن أعلن، رفض بلاده استقبال مقاتلي داعش، قائلا إن "الحديث يدور عن أخطر أشخاص في العالم، ولذا لا ينبغي لنا أن نستقبلهم".

وأشار ينسن إلى أن قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا الذي أعلن عنه في ديسمبر الماضي، سابق لأوانه، لأن الوضع في البلاد لا يزال غير مستقر.

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا مدمرا تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وفي ديسمبر الماضي، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب كامل للقوات الأمريكية من سوريا، معتبرا أن هدف هزيمة "داعش" قد تحقق وهو الأمر الذي انتقدته دول عربية وغربية جراء عدم استقرار الأوضاع في البلد الذي يعاني ويلات حرب منذ أكثر من 8 سنوات.

النمسا

من جانبه، وصف هيربرت كيكل، وزير الداخلية النمساوي، عناصر "داعش" المحتجزين في سوريا بأنهم "قنابل موقوتة"، وطالب بإنشاء محاكم دولية داخل سوريا لمقاضاتهم بدلا من إعادتهم لبلدانهم.

وقال كيكل في مقابلة مع صحيفة "كرونه" النمساوية: "هناك نحو 60 نمساويا سافروا خلال السنوات الماضية لمناطق القتال في سوريا، والآن محتجزون هناك، وقد سافروا بشكل طوعي، وقاتلوا لسنوات في صفوف التنظيم الإرهابي، والآن يريدون العودة، للدولة التي كانوا يريدون تدميرها حينما انضموا للتنظيم".

وأضاف: "حماية أمن بلادنا أولوية، لذلك من غير المقبول السماح بعودة تلك القنابل الموقوتة إلى النمسا.. لدينا الكثير من مثل هذه الحالات التي تسبب المشاكل ويصل عددهم لنحو 600 شخص، ومن الصعب وضعها تحت المراقبة".