إضراب لليوم الثاني في الجزائر غداة عودة بوتفليقة.. والاستجابة متفاوتة

استمرت الاستجابة متفاوتة في الجزائر، الاثنين، لإضراب عام احتجاجا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وذلك غداة عودة الاخير من سويسرا حيث قضى أسبوعين في مستشفى بجنيف لإجراء"فحوص طبية".

وغداة تظاهر آلاف تلاميذ الثانويات، قرر كل المحامين الدخول في إضراب ومقاطعة جلسات المحاكم لمدة 48 ساعة.

ومنذ عودته إلى الجزائر مساء الأحد لم يدل بوتفليقة ولا أي من مناصريه بتصريح، بينما يواجه موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ وصوله للحكم في 1999.

ولم يتم تسجيل أحداث عنف كبيرة في هذه التظاهرات التي تصاعدت منذ 22 فبراير، باستثناء بعض المواجهات بعد نهاية المسيرات في العاصمة الجزائر كما في تظاهرة الجمعة الحاشدة.

وبعد نهاية هذه المسيرة اندلعت مواجهات بين شبان ورجال الشرطة تعرض خلالها المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية، أقدم متاحف الجزائر، للحرق والتخريب وسرقة بعض قطعه، قبل ان تسترجعها الشرطة كما صرح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الاثنين.

طالب المحامون المجلس الدستوري الذي ينتظر ان يعلن الخميس قائمة المرشحين المقبولين لخوض الانتخابات الرئاسية، بعدم "قبول ترشيح الرئيس المنتهية ولايته بسبب عدم اهليته من الناحية الصحية" لممارسة مهام رئيس الدولة.

وبسبب الجلطة الدماغية التي أصابت بوتفليقة (82 سنة) في 2013 فإنه لم يتوجه للجزائريين بأي خطاب بشكل مباشر.

وظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها "نادي قضاة الجزائر"، ودعت القضاة الى التوقف عن العمل.

وأكد "نادي القضاة" الذي يقول إنه يضم ألف عضو، أن القضاة سيقاطعون اللجان الانتخابية التي يمثلون نصف عدد أعضائها.

وانضم قضاة وكُتاب ضبط في محاكم عنابة، شرق الجزائر، الى الوقفة الاحتجاجية للمحامين وكذلك في بجاية بمنطقة القبائل، بالرغم من تحذيرات وزير العدل.

وأكد أمين عام نقابة المحامين بناحية بجاية علي موساوي لوكالة فرنس برس أن "هذه سابقة في تاريخ القضاء الجزائري. قضاة شجعان كسروا واجب التحفظ المزعوم".

وأضاف أن كُتّاب الضبط (مساعدو القضاة) قرروا هم أيضا التوقف عن العمل في محاكم بجاية.

وقال وزير العدل الطيب لوح في خطاب بثه التلفزيون إن على القضاة "الالتزام بواجب التحفظ واتقاء الشبهات والسلوكيات الماسة بحياد القاضي" .. كما على "السلطة القضائية" ان تبقى "بعيدة عن التجاذبات السياسية".

وشارك القضاة والمحامون في تجمع بعنابة معتبرين أنهم "كجزائريين ومواطنين وقضاة، واجباتهم أكبر من واجب التحفظ" بالنظر الى الظروف التي تمر بها البلاد.

كما تظاهر المحامون في العاصمة الجزائر ووهران وقسنطينة، وهي أكبر مدن البلاد.

وفي وسط العاصمة الجزائر فتحت أغلب محلات المواد الغذائية والمقاهي والمطاعم بينما ظلت المحلات التجارية عبر الشوارع الرئيسية مغلقة.

ففي حي باب الواد الشعبي وبولوغين القريب منه فتحت أغلب المحلات وكذلك في الحي الراقي حيدرة، بينما ظلت نصف محلات حي القبة مغلقة.

واستأنفت كل الادارات العامة والبنوك عملها وكذلك كانت حركة المرور عادية.

وعملت القطارات المتجهة من وسط العاصمة نحو الضواحي لكن لم ينطلق أي قطار نحو المدن البعيدة، بحسب موظف في شركة النقل بالسكك الحديد تحدث لوكالة فرنس برس.

وتوقف النقل عبر المترو والترامواي منذ الساعة العاشرة صباحا، وشهدت حركة الحافلات بعض الاضطراب بحسب موظف من شركة النقل الحضري.

وفي وهران (شمال غرب) بدا يوم الاثنين "عاديا" وفتحت كل المحلات ولم يلق نداء الاضراب استجابة كبيرة، بحسب صحافي من المدينة.

أما في وسط مدينة قسنطينة فظلت الأسواق الرئيسية مغلقة لكن المحلات الصغيرة عملت بشكل عادي بحسب صحافي آخر. وفي عنابة فتحت المحلات أيضا.

وعلى العكس تماما شهدت بجاية شللا تاما في المحال التجارية والإدارات العمومية. أما مدينة تيزي وزو فتحولت "مدينة أشباح".

وتساءلت صحيفة الوطن "ماذا سيفعل بوتفليقة وما الذي سيعلنه؟" بعد ان عاد الى الجزائر "هل سيرضخ لمطالب الشارع؟".

وردّت صحيفة المجاهد الحكومية الاثنين على السؤال قائلة إن المتظاهرين لا يعبرون عن "رفض جذري" للسلطة، وكل سيناريو لا يمر "عبر صناديق الاقتراع" لا يحترم "ارادة الشعب".

وأشارت الى ان "الانتخابات ليست خيارا (يُقبل أو يُرفض) في الأنظمة الديموقراطية" ما يوحي أن الفريق الرئاسي لا ينوي تغيير أي شيء في المسار الانتخابي.

وفي الإذاعة الجزائرية ندد صحافي الاثنين بمنع بث تعليقه اليومي، مشيرا إلى انها "ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها لضغوط" من قبل المدير، كما صرح لوكالة فرنس برس.

وأكد الصحافي في إذاعة الجزائر الدولية مروان الوناس" كالعادة قرأت تعليقي +الرأي الحر+ مباشرة في الساعة الخامسة صباحا، وبعد مغادرتي الاذاعة جاءت الأوامر من مدير الإذاعة بمنع إعادة بث التعليق نهائيا".

وكان صحافيون في الإذاعة الجزائرية نددوا بعدم السماح لهم بتغطية التظاهرات التي شهدتها البلاد في 22 فبراير وعدم الحياد في التعامل مع الأحداث السياسية وخصوصا التظاهرات ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وتحدّثوا عن "توتّر شديد في قاعات التحرير"، داعين المدير العام للإذاعة الوطنية شعبان لوناكل الى العمل معهم "لمصلحة إعلام (الجزائريين) بكل موضوعية".

خارجيا، حيت الحكومة الفرنسية على لسان المتحدث باسمها بنجامين غريفو "الهدوء والكرامة وضبط النفس" التي تحلى بها المتظاهرون في الجزائر، مذكرة بأن الشعب الجزائري "هو من يختار حكامه ومستقبله".