عنوان المقال الانتماء واللحمة الوطنية عنوان عظيم القدر رفيع المكانة كثير الدلائل ذو معاني عدة، فالانتماء هو الانتساب إلى دين أو وطن أو أسرة.فأعظم الانتماء ما كان لدين الإسلام ثم يأتي من بعده الانتماء الأسري.
فالأسرة هي جزء من مكونات الوطن، فإظهار الانتماء الوطني أمر فطري دعت إليه الفطرة السليمة، فمحبته محبة جبلية طبعية في النفوس الزاكية السليمة.
وقد يكون أصل الانتماء والمحبة أمر ديني دلت عليه الشريعة المطهرة ومصداق ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أخرج من مكة وهاجر إلى المدينة وقف وألتفت إلى مكة عليه الصلاة والسلام وقال : (( والله إنك لأحب البلاد إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت)).
فلا يلام الإنسان على محبته لوطنه، فكيف إذا كان هذا الانتماء لبلد قام على التوحيد وتطبيق أمر الله وامتثال أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ونبذ الشرك وأهله، وتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطنٌ تشرف بالحرمين الشريفين وخدمة المعتمرين والزائرين وقاصديهما المؤدين لفريضة الحج.
فوطن بهذه القيمة والمكانة العالية الرفيعة ألا تكون محبته دينية.!!
إن الانتماء للوطن له مدلولات عظيمة من أعظمها الإتفاق مع الانتماء للدين.
وحب الوطن يتحقق به تكوين مجتمع قوي قادر على مواجهة كل فتنة تضر بالدين أو عباد الله المؤمنين.
فقوة الانتماء للوطن ينتج عنها تحصينه من الأفكار الدخيلة الهدامة والغزو الفكري بجميع أشكاله.كما أن في الانتماء تحقيق للحمة الوطنية التي تحمي بعد توفيق الله ممن يريد إحداث الفتن وتفريق صف المسلمين وإضعاف شوكتهم.
فسيبقى هذا الوطن الذي نعتز به أبد الدهر مهداً للإسلام وحصناً له ومأرزاً ، وملجأً بعد الله إلى يوم القيامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم( إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها).
فكان من أعظم آثار الانتماء للوطن وولاة أمره بعد توفيق الله نعمة الأمن التي قطعت الطريق على كل ضال مفسد.
فمن فقد الأمن فهو فاقد للوطن بما فيه، والفاقد للوطن فهو فاقد للإستقرار والاطمئنان.
ولذلك فقد قال الله في محكم كتابه العزيز آمراً عباده المؤمنين بالمحافظة على وحدتهم وقوة لحمتهم : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم.
فالناظر لسنته صلى الله عليه وسلم يرى كما أسلفت حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه الأم مكة المكرمة، وكذلك حبه لوطنه الثاني المدينة المنورة.
وإذا تحقق الأمن تحقق الانتماء والولاء للوطن والشعور بالمسؤولية تجاهه والدفاع عنه وعن مقدراته ومكتسباته.
وإن من المحافظة على أمن الوطن طاعة ولاة أمرنا يحفظهم الله فهي أصل من أصول عقيدة السلف الصالح ومعتقد يعتقده أهل السنة والجماعة ولهذا جاء في كتاب الله عز وجل ما يؤكد ذلك ويأمر به كما في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأُلي الأمر منكم”.
فوطن بهذه المميزات من خدمة للإسلام وأهله والقرآن وعلومه وطباعة المصحف الشريف ونشر السنة والدفاع عنها وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما والاهتمام بقضايا الأمة ونشر الوسطية ودين الحق.
ألا يستحق المحبة والانتماء والدعاء لولاته بالنصر والتمكين، وأن نكون صفاً منيعاً مع حكامنا ضد كل من يريد أن يفرق جمعنا أو أن يحدث الفتن في بلادنا.
ولقد تطرقت إلى هذا الموضوع والكتابة عنه لما وجدته من جهود مباركة تقوم بها مشكورة الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتوجيهات من صاحب المعالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند حفظه الله والتي كان لها قصب السبق من بين الجهات وعظيم الأثر في تعزيز منهج الانتماء واللحمة الوطنية من خلال تنفيذ مثل هذه الملتقيات التي تعزز من الانتماء للوطن وتحقيق المواطنة الصالحة وتقوي اللحمة الوطنية، وأن يكون المجتمع صفاً منيعاً في محاربة الأفكار الضالة وأهلها.
أسأل الله أن يحفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وأن يحفظ علينا ديننا ووطننا وعلمائنا ورجال أمننا وأن ينصر أبطالنا المرابطين على حدود بلادنا، وأن يحفظنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
كما أسأله أن يوفق لك خير القائمين على هذه البرامج والتي تسهم في تعزيز الانتماء واللحمة الوطنية.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.