عالم سعودي يكشف أوجه التشابه بين الربع الخالي والقارة القطبية

كشف عالم جيولوجي سعودي عن وجود تشابه بين صحراء الربع الخالي، التي تعد أكبر صحراء رملية في العالم، وبين القارة القطبية، اللتين تفصل بينهما مسافة تقدر من أقرب نقطة بـ12 ألف كيلومتر، فيما يسمى "التزاوج البيولوجي".

واختار العالم السعودي عبد العزيز بن لعبون هذه الظاهرة من واقع تجارب ودراسات ميدانية لسنوات طويلة، وخرج منها بحصيلة علمية عرضها أمس في محاضرة ألقاها في مركز حمد الجاسر الثقافي (دارة العرب) بالرياض، بحضور علماء وعدد كبير من المهتمين بالظواهر الجيولوجية والتضاريسية الطبيعية.

وقدم ابن لعبون مقارنة مجدولة بين القارة القطبية والربع الخالي، حصرها في 35 نقطة لكل منهما، من خلال إشارته إلى أن سماكة الجليد في صحراء القارة القطبية تقدر بآلاف الأمتار، وجليدها ملون، وبها طحالب، وبلورات الثلج فيها لا تتشابه، إضافة إلى أن جليدها صلب، وتتعرض إلى انهيارات، وبها فجوات وشقوق ودحول، ويوجد بها علامات للرياح، وتضاريسها عبارة عن كثبان جليد تترسب على هيئة طبقات.

وبالنسبة للطقس، فإن أدنى درجة حرارة تصل إلى - 93 درجة، وأعلى درجة حرارة تصل إلى 18 درجة. وبالنسبة للحياة فيها، أشار الباحث إلى أنه لا وجود لحيوانات متوطنة فيها، وإن بها أكثر من 100 نوع من الطيور، ونحو 90 نوعاً من النباتات المزهرة، ويوجد على جليدها وبين طبقاته نيازك، وبها بحيرات يحيط بها جليد، وعلى أطرافها توجد براكين، وأخفض نقطة فيها تبلغ 2539م تحت سطح البحر، وتخلو القارة من البشر، ولا تملكها دولة أو دول، وبها ثروات معدنية ونفطية واعدة.

كما وضع ابن لعبون النقاط المتشابهة والمختلفة ذاتها لصحراء الربع الخالي مع القارة القطبية، من خلال أن صحراء الربع الخالي بها حوض محاط بجبال، وأول من وصل عمقها وعبرها من الأجانب بيرترام توماس، وكثبانها الرملية تبلغ سماكتها مئات الأمتار، وتبلغ مساحتها 650 ألف كم2. ورمالها ملونه، وحبيباتها أحجامها متشابهة، ومصادرها مختلفة، وبها عواصف رملية، وتبلغ سرعة الرياح 130 كم، وتحوي أرضها أعشاباً موسمية وشجيرات وأشجار قليلة، ورمالها سائبة، وبها انهيارات. كما تنتشر بها دحول وعلامات للرياح، وتضاريسها عبارة عن كثبان رملية، وتترسب على هيئة طبقات، ولا تحتوي على سجل طبيعي، وتحدث بها انهيارات وتصدع، وتشهد رمالها سقوط نيازك عليها، وأدنى درجة حرارة فيها 7 - درجات، وأعلى درجة حرارة فيها هي 60 درجة، ولا تعيش فيها إلا حيوانات قليلة، كما هو النبات. وتوجد فوق الكثبان وداخلها نيازك، وتحيط بين كثبانها بحيرات.

وعرض ابن لعبون التشابه والاختلاف لكل ظاهرة، وعززها بنحو 80 صورة وخريطة من الربع الخالي ومن القارة القطبية، مقدماً معلومات في غاية الأهمية، منها إشارته إلى أن قارات الأرض كانت في زمن من الأزمنة مجتمعة متصلة ببعضها في قارة واحدة هي «بانجيا»، ودراسة أي جزء في هذه القارة يفيد في دراسة الأجزاء الأخرى، واكتشاف ثروات في أي جزء من «بانجيا» يساعد على اكتشاف ثروات مشابهة في الأجزاء الأخرى.

كان البروفسور عبد العزيز بن لعبون شارك في بعثتين علميتين: الأولى في أواخر سنة 2012 وأوائل سنة 2013 إلى شبه القارة القطبية في شمالها الغربي، والثانية في سنة 2014 إلى بحر روس وسواحله في جنوب القارة الشرقي، كما قام برحلات في صحراء الجزيرة العربية، ومنها صحراء الربع الخالي، وقدم فيها دراسات في غاية الأهمية، كما قام بمقارنة طبيعية لطيفة بين القطبين الشمالي والجنوبي، بيّن فيها التشابه والاختلاف بين القطبين.

وأشار البروفسور ابن لعبون إلى أن طبقات الجليد المتراكمة في القارة القطبية خلال الزمن الجيولوجي هي أحفظ وأصدق سجل لتاريخ الأرض، وما ثار فيها من براكين، وما تساقط عليها من نيازك، وما عصفت عليها من عواصف، وثار فيها من غبار، وما تعرضت له من تغيرات مناخية، وغير ذلك، فهو محفوظ بين طبقات الجليد.