قصص الإجبار والحديد والنار.. نساء من الرقة يحكين عن أيام «داعش» قبل السقوط

قصص وحكايات تسردها نساء الرقة اللاتي عايشن تنظيم «داعش» الإرهابي، بعد إعلان القضاء عليه.

تروي عنود (43 سنة) المتحدرة من مدينة الرقة، كيف أنّها، أثناء ذهابها إلى السوق في أحد الأيام، استوقفتها دورية من جهاز شرطة التنظيم النسائية، وحققوا معها لأنها وقفت وألقت السلام على ابن جارتها، الذي لم يكن يبلغ من العمر 13 عاماً، لتفاجأ بتهمة قيامها بخلوة مع شخص غريب، وقالت لهم: «هو ابن جارتي وطفل، كيف تمت الخلوة وأنا سلمت عليه بسوق تجارية أمام كل الناس؟! لتصرخ المحققة بصوت عالٍ: هذا لا يجوز»، لكن الدورية سمحت لها بالعودة إلى منزلها وعدم الخروج منه إلا مع ولي أمرها.

ووفقا لما نشرته صحيفة الشرق الأوسط فإن ملك ذات الثلاثين عاماً، فتروي قصة تشبه ما قالته عنود، إذ إنها خرجت في إحدى المرات مع ابنها أحمد الذي لم يتجاوز 15 سنة، بعد أن تعرضت لحروق جراء إشعال مدفأة المنزل، لتواجه موقفاً محرجاً في إثبات إنه ابنها، وقالت: «أوقفتني دورية الحسبة، وبدأوا التحقيق معي؛ مَن هو؟ وماذا يفعل معي؟ قلتُ لهم مراراً وتكراراً إنه ابني، وأقسمت لهم، لكن لم يصدقني أحد»، وطلب منها العودة للمنزل.

وتقول مريم، وهي سيدة في بداية عقدها الرابع تسكن في شارع هشام بن عبد الملك بمركز مدينة الرقة، إنه وبعد سيطرة التنظيم على مسقط رأسها، كانت ابنتها البكر التي تبلغ 11 عاماً، وأختها التي تبلغ 9 سنوات يدرسان آنذاك في مدرسة الحي، وقالت: «ابنتاي كباقي الفتيات كانتا تذهبان باللباس المدرسي، في البداية رفضوا اللباس الأزرق وتدريس الكتاب الحكومي، ثم طلبوا التقيد باللباس، وقتذاك قررتُ ألا تذهبا إلى المدرسة».

وبعد إحكام عناصر تنظيم «داعش» المتطرف السيطرة على كامل مدينة الرقة في يناير 2014، تدخلت عناصره في أسلوب النظام التعليمي، وفرضوا لباساً على المدرّسات والطالبات في مدارس الرقة، ومنعوا دراسة المنهاج التابع للحكومة السورية.

ونقلت العديد من النساء اللاتي عايشنَ فترة التنظيم، كثيراً من القصص المحزنة والمؤلمة خلال جلسات نظمها مشروع «تاء مربوطة»، وأعربت المدربة والناشطة النسوية منى فريج، التي عملت على تنظيم كثير من اللقاءات مع نساء الرقة بالتعاون مع المشروع: «كثير من النسوة نقلن كيف كانوا يخشون على بناتهنّ عند الخروج من المنزل، يراودهن الخوف إذا قرر عنصر (داعشي) طلَبَها للزواج»، فذلك العنصر يكون مقاتلاً عربياً أو أجنبياً، وتضيف: «يكون انتحارياً أو مقاتلاً على الجبهات، وبعده مقتله تترمل الفتاة وهي في بداية عمرها، وما يزيد من تعقيد الوضع وجود أطفال صغار دون نسب، ولا يكونون مقيدين في سجل مدني».

وفضلت كثير من نساء الرقة منع بناتهنّ من الخروج من المنزل، وهي كانت الوسيلة الناجعة للتخلص من تلك المخاوف، وتضيف منى فريج: «نقلت كثير من النسوة أن بناتهن حُرمن من التعليم، ولم يكملن طفولتهن بشكل طبيعي، ولم يشاهدن الحدائق أو الأسواق العامة خوفاً من مصير مجهول بالزواج من عناصر التنظيم».