هل من مسعف؟

سقطت سارة مغشياً عليها أمام الطالبات والمعلمات، فسارع الجميع لمساعدتها ولكن دون جدوى، اتصلت إحدى المعلمات بالإسعاف في حين قامت موظفة أخرى بالتواصل مع عائلتها وإخبارهم بما حدث وأخذ الإذن لتحويلها إلى المستشفى، انتظر الجميع طويلاً حتى وصلت سيارة الإسعاف وقام المسعفون بنقل الطالبة إلى المستشفى ترافقها دعوات العائلة والأقارب وتحفها أماني الحضور.

مشهد يتكرر كثيراً في مدارسنا نتساءل معه في كل مرة عن السبب في عدم وجود المختصين في الحالات الإسعافية الطارئة داخل المدارس؟

ولأنني وقفت على بعض القصص التي رواها لي من يعملون في المدارس وطلب مني بعضهم إيصال صوتهم للمسؤولين من أجل إيجاد حل لهذه المشكلة، فقد رأيت كتابة هذا المقال مدعماً ببعض الاقتراحات التي ربما تسهم في حلها.

برأيي أن المشكلة تستحق التأمل والتساؤل حول عدم وجود المسعفين والمسعفات في المدارس، وخصوصاً عندما نتحدث تجمعات بشرية يقترب مجموع أفرادها أو يزيدون عن 1000 نسمة، إلا إذا كان من بين المعلمين والمعلمات أو الإداريين والإداريات من حصلوا على دورات خاصة في مباشرة الحالات الإسعافية الطارئة؛ فهنا نقول للمسؤولين في وزارة التعليم شكراً لكم.

أما أن يظل الحال كما هو عليه بلا تدخل ولا مبادرة لإيجاد حل لهذه المشكلة فنحن من واجبنا أن نقدم للقائمين على النظام التعليمي هذا المقترح على الأمل الأخذ به، وهم الذين عودونا وكافة المسؤولين في بلادنا باستقبال الاقتراحات والاستفادة من النقد فيما يخدم المصلحة العامة للدولة ويسهم في تطور مؤسساتها.

وأنا أعلم جيداً أن العاملين في المدارس من معلمين ومعلمات وإداريين وإداريات يستطيعون الحصول على دورات تدريبية في الإسعافات الأولية عن طريق الترشيح بعد التواصل مع "المرشدين الصحيين" في المدارس.

لكن ذلك لا يكفي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هذا الإجراء إجراء اختياري وليس إجباري، نحن نبحث عن حل دائم لهذه المشكلة ولا نبحث عن حلول وقتية قد لا تجدي نفعاً، وهي أشبه ما تكون كالمسكنات التي تخفف الألم لكنها لا تعني زواله.

ولكن دعونا ننظر لهذه المشكلة على أنها فرصة عظيمة لتوظيف الخريجين والخريجات من أصحاب التخصصات غير المطلوبة في سوق العمل ممن لم يحالفهم الحظ في الحصول على وظائف، فنحن في بلد كريم يحرص قادته على توفير كل سبل الراحة والطمأنينة للمواطنين، وهذه المبادرة إن حدثت فلن تكون الأولى ولا الأخيرة.

فقد سبقها العديد من المبادرات التي أسهمت في توفير سبل الحياة الكريمة لهم، وإن كان من سؤال حول كيفية توظيف أصحاب التخصصات النظرية في المجال الصحي، فالإجابة تكون عن طريق التدريب؛ فمع التدريب يصبح الإنسان قادراً على العمل والتكيف مع كل ما هو جديد، خصوصاً عندما نتحدث عن حالات لا تستدعي النقل إلى المستشفيات وإجراء العمليات للمصابين.

إن توظيف الخريجين والخريجات ممن لم يلتحقوا بوظائف حكومية وطال انتظارهم لها في هذا المجال هو أحد الحلول المناسبة للقضاء على هذه المشكلة، بل إن المنفعة ستتعدى مسألة القضاء على مشكلة مباشرة الحالات الإسعافية في المدارس إلى توظيف الأعداد الهائلة من الخريجين والخريجات العاطلين عن العمل، وكلنا أمل في أن تتكاتف جهود وزارة التعليم ووزارة الصحة للاستفادة من هذا المقترح وإعطائه حقه من الاهتمام.