وزير التعليم يرسم خارطة تحول الجامعات في عصر التغيير

تشهد مملكتنا الحبيبة أكبر تظاهرة علمية وثقافية بعقد المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في دورته الثامنة وبرعاية كريمة من خادم الخرمين الشريفين وبشعار (تحول الجامعات السعودية في عصر التغيير) لينسجم مع التحولات التي نعيشها في وطننا الكبير.

وبمشاركة دولية فخمة تتمثل في ثلاثة وثلاثين دولة وثلاثمائة وستون جامعة محلية ودولية فضلاً عن جلسات المؤتمر وورش عمله التي يشارك فيها أكثر من أربعة وستون استاذاً جامعياً دولياً ومحلياً من مختلف القطاعات والخبرات والثقافات.

واللافت في هذه التظاهرة كلمة معالي وزير التعليم التي ألقاها في المؤتمر والتي تعد خارطة طريق واضحة المعالم للجامعات السعودية لأنها تضمنت واجبات الجامعات في هذه المرحلة وتطلعات الوزارة منها مع تأكيد الوزير على الدور الريادي للجامعات في تحقيق رؤية ٢٠٣٠ .

وسنستعرض ما وراء مطالب معالي الوزير باختصار ، طلب معالي الوزير من الجامعات مواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ومعايشة الواقع الافتراضي المصاحب لها وجيل الذكاء الاصطناعي وهو ما يعني التركيز على التقنية باعتبارها الأداة الرئيسة للثورة الصناعية الرابعة بما تحويه من الروبوتات والنانو والتكنولوجيا الحيوية وأنترنت الأشياء والأمن السيبراني وغيرها.

وطلب أيضاً من الجامعات إعادة التفكير في برامجها وهو ما يعني استحداث برامج علمية وثقافية واجتماعية جديدة أو تطوير البرامج القائمة او إلغاءها وفق ما تراه الجامعات وبناء على تحليل دقيق وواقعي لبيئة الجامعات وبيئة سوق العمل السعودي بعيداً عن الخطط المستنسخة وبشيء من التفرد والتنافسية بين الجامعات بما يتناسب مع البيئات المتنوعة التي تحتضن جامعاتنا على طول وعرض مساحتنا الجغرافية الفريدة وبما يحقق التنمية المجتمعية الحقيقية.

كما طلب من الجامعات المرونة والاستجابة للتحولات الخارجية وهو ما يعني ضرورة إيمان الجامعات بسرعة التغيرات وخاصة في مجال اقتصاد المعرفة وأهمية تحول الجامعات إلى مؤسسات منتجة للمعرفة وقادرة على توظيفها لخدمة الحياة الإنسانية ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قيادات جامعية تحويلية على مختلف المستويات التنظيمية في الجامعات.

وطلب أيضاً من الجامعات التجاوب مع متطلبات المستقبل واحتياجات سوق العمل (وهنا بيت القصيد) وهو ما يعني إدراك الفجوة الكبرى بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل والتي أدت إلى رفع مستويات البطالة الهيكلية والمقنعة ويعني ضرورة امتلاك الجامعات لرؤى استراتيجية وخطط عملية مبنية على فهم حقيقي للواقع والآثار المترتبة عليه مع التركيز على إعداد الطلاب على المهارات المعاصرة للتعامل مع المتغيرات المحلية والدولية ومد جسور العمل المشترك مع سوق العمل في شراكة حقيقية ومشاركة إيجابية في دراسة الواقع وبناء الخطط وتصميم البرامج وأساليب التنفيذ والتقويم .

وقال معالي الوزير أن تطلعات الوزارة والوطن من الجامعات في ٢٠٢٠ تطلعات كبيرة أهمها نشر خمسة عشر ألف بحثاً في المجلات العالمية المصنفة ؛ وعقد مائتي شراكة بحثية ذات عائد مالي ، والوصول إلى تسجيل أربعة آلاف وثمانمائة براءة اختراع ، والحصول على اعتماد دولي مؤسسي وبرامجي لأكثر من ستين في المائة من الكليات والمعاهد .

وبتصوري أن أكبر تحدي للجامعات السعودية هو الزمن المتبقي لتحقيق هذه التطلعات وهو ما يتطلب عملاً استثنائياً من الجامعات يعتمد على اختيار قيادات جامعية ديناميكية ومثابرة وطموحة ولديها قدرة على العمل لأربعة وعشرون ساعة متواصلة وعلى مدار الأسبوع.

والتخلص من نمط الإدارة البيروقراطية والإجراءات الطويلة لإجراء التغيير والتطوير اللازم ، والتمكين الفعلي للقيادات الجامعية ، وخلق مناخ أكاديمي وإداري جاذب للقدرات والطاقات الكامنة.

وإشراك كافة منسوبي الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين مشاركة فعلية في بناء خطط تحقيق تطلعات الوزارة من الجامعات.

وفتح مكاتب للقطاع الخاص في الجامعات ومكاتب للجامعات في القطاع الخاص لتحقيق تكامل نوعي يردم الفجوة بين مخرجات الجامعة واحتياجات سوق العمل .

معالي الوزير ... جامعاتنا ولله الحمد لديها القدرة على تحقيق تلك التطلعات بما تملكه من مقومات بشرية ومادية ومالية مقابل مطلب واحد فقط من معاليكم وهو منحها المزيد من الاستقلالية الإدارية والمالية والعلمية والحريّة الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب ليتسنى لها تحقيق تطلعات قادتها ووطنها.