النقطة الحمراء

يأسرني الحديث عن تطور بعض الدول ، وكيف تمكنت هذه الدول من الارتقاء ؟ سواء أكان حديثي لدول تطورت وانطلقت أم مازالت في بدايات سيرها و تطورها . الأهم أنها أخذت المسار الصحيح . سابقا قد كان لي خواطر عن الهند وانطلاقتها ، و كوريا الجنوبية و سيرها الحثيث في عالم التطوير ، أما الدولة المفاجأة بالنسبة لي فكانت رواندا .

والآن ننطلق إلى دولة أخرى ، هي النقطة الحمراء _ كما يطلقون عليها _ بلد الثلاث و ستين جزيرة ، التي تصل مساحتها الإجماليّة إلى 719.1 كيلومتراً مربعاً، ويعيش عليها أكثر من 5.5 مليون نسمة من أعراق مختلفة . الآن هذه الدولة تمتلك واحداً من أسرع الاقتصادات نموّاً في العالم .

رئيس وزرائها السابق " لي كوان يو " بكى عام 1965 م عندما انفصلت دولته عن دولة أخرى ؛ لصغر حجمها و شدة فقرها ، وقلة مواردها و كذلك انتشار الجهل فيها . وبالتخطيط السليم والإدارة الرشيدة نجح " لي كوان يو " في جعل دولته الأكثر سيطرة على الفساد ، والأعلى من حيث امتلاك احتياطيات النقد الأجنبى ، ودخل الأفراد ، والبنية التحتية، والمواصلات الأكثر تطورا وحداثة . إنها قصة نجاح كبرى تحتاج إلى كثير من النظر والتأمل والفهم ، لن تكفيها أسطري هذه.

عوامل و أسرار عديدة في نجاح مسيرته استطاع فرضها . فقد عمل على الوحدة الوطنية بتأسيس ذلك في المدارس ، و سن القوانين الصارمة على الكل و الجميع ، لذا تسمى بلد الغرامات من شدة صرامة القوانين فيها ، وهذا ما أدى بدوره إلى القضاء على الفساد .

فقد ذكرت رويترز أن "لي كوان يو" استطاع أن يبني نهضة اقتصادية عظمى ، وأن يجعل بلده من أهم البلدان كما كان يحلم ، حيث اعتمدت سياسته في الاستثمار على الإنسان السنغافوري نفسه من خلال التعليم وتكثيف البعثات العلمية للخارج .

في عام 2007 م ، ما زلت أتذكر عندما طلب منا أحد أعضاء هيئة التدريس في مرحلة الماجستير البحث في أحد أنظمة التعليم في العالم ، فلم أتردد بالبحث في نظام التعليم بهذه الدولة المتطورة ، التي كانت تركز في تعليمها على التربية الأخلاقية و بناء الإنسان ، و بناء المهارات ، و التفكير الناقد .

همست له و لها فقلت بابتسامة : قصة نجاح دولة سنغافورة تعطي أملا ، فمهما وجد من تخلف فنحن نقدر . فالإنسان وتطوره و الاستثمار في بنائه تعد اللبنات الأولى في بناء أي دولة .