وثائق تكشف: البشير استعان بشركة روسية لقمع المتظاهرين

كشفت معطيات جديدة ما كان يتخوف منه المتظاهرون في السودان، عن استعانة نظام عمر البشير بأمنيين من دول أخرى لقمع التجمعات.

وقد سلطت وثائق نشرتها قناة "سي إن إن" الأمريكية الضوء على شركة روسية مرتبطة برجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من السلطات في موسكو.

وقال مسؤول في النظام السوداني السابق إن المستشارين الروس كانوا يتابعون حركة الاحتجاجات، وبدأوا في وضع خطة للتصدي لها، من خلال ما أطلقوا عليه "خسائر محدودة في الأرواح ولكنها مقبولة".

وتتضمن الوثائق التي اطلعت الـ"سي إن إن" عليها، خطابات ومراسلات داخلية في إحدى الشركات، حصل عليها وتحقق منها مركز "دوسيير" ومقره لندن، الذي يديره رجل الأعمال الروسي المعارض ميخائيل خودوركوفسكي. الذي نشط في الشهور الأخيرة في تعقب نشاط شركة بريغوجين في أفريقيا.

وأفاد تقييم "سي إن إن" للوثائق بأنها ذات مصداقية، وأنها متسقة مع روايات شهود أشارت إلى وجود مراقبين روس في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها السودان.

ما تكشف عنه وثائق المركز
صدرت تلك الوثائق من شركة "إم - إنفيست"، وتعكس الرغبة في تشويه سمعة الاحتجاجات وقمعها. وتتضمن وثيقة تاريخها بداية يناير (كانون الثاني) اقتراحاً بنشر مزاعم بمهاجمة محتجين لمساجد ومستشفيات، وأيضاً تصوير المتظاهرين بأنهم "أعداء الإسلام والقيم التقليدية" من خلال نشر أعلام قوس قزح (التي ترمز لدعم الشواذ جنسياً) بين صفوفهم. كذلك تضمنت الوثيقة اقتراحاً بعمل حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم دعم إسرائيل للمحتجين.

كذلك تتضمن الاستراتيجية تظاهر الحكومة "بإقامة حوار مع المعارضة من أجل إبعاد وعزل قادة الاحتجاجات وكسب الوقت". كذلك اقترحت "إم - إنفيست" طرقاً لتحسين مظهر الحكومة من خلال توزيع خبز ودقيق وحبوب وطعام مجاناً في إطار حملة دعائية.

كذلك تضمنت اقتراحاً بتحميل الغرب مسؤولية تأجيج الاحتجاجات، وعمل "تغطية إعلامية كبرى تتضمن تحقيقات مع معتقلين يظهرون خلالها وهم يعترفون بأنهم كانوا ينظمون لحرب أهلية في السودان".

وتوصي وثيقة أخرى بالقبض على قادة الاحتجاج قبل يوم من المظاهرات، ونشر معلومات مضللة تزعم حصول المحتجين على المال للمشاركة في الاحتجاجات. كذلك توصي الوثيقة بتسليط الضوء على توقيف قوات الأمن "لسيارة بها أسلحة، ومبالغ مالية بعملة أجنبية، ومواد دعائية يستخدمها مواطنون أجانب".

كذلك اقترحت "إم - إنفيست" تكوين فرق على مواقع التواصل الاجتماعي لاستهداف حركة الاحتجاج من خلال "إثارة جدل ونقاش مع مستخدمين والتعبير عن أجندة بديلة".

كان بريغوجين، المعروف باسم "طاهي بوتين" بسبب تعاقدات توريد الطعام مع الكرملين، واحداً من بين 13 روسي تم اتهامهم في إطار تحقيق روبرت مولر، المحقق الأمريكي الخاص، في شأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية.

وتزعم الولايات المتحدة أنه قد تم إنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الناخبين باستخدام معلومات تحريضية، لكن بروز اسم بريغوجين لم يقتصر على استخدام آليات "الحرب الهجينة" إذ ارتبطت به التشكيلات العسكرية الخاصة المعروفة باسم "جيش فاغنر" التي لعبت أدواراً حاسمة في معارك جرت في أوكرانيا وجورجيا وسوريا وليبيا، ومؤخراً تم التطرق إلى وجود هذا "الجيش" في السودان.

وعلى الرغم من النفي الرسمي من موسكو بالضلوع في قمع الاحتجاجات السودانية، لكنّ مشاركة "مرتزقة روس" في قمع المظاهرات السلمية كشفت عن وجود روسي مستتر في السودان، إذ تناقلت وسائل إعلام متعددة مقاطع فيديو لمقاتلين روس أثناء المظاهرات السودانية.

وكان التأكيد على أن "جيش فاغنر" ينشط في السودان جاء من أكثر من طرف خلال العامين الأخيرين.

وذكرت بعض المصادر في الخرطوم للـ"سي إن إن" أن حكومة البشير حاولت بالفعل تطبيق بعض خطط "إم - إنفيست". وتقول المصادر إنه تم زرع مستشارين روس من إحدى الشركات الخاصة في كثير من الوزارات، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني السودان، لكن لم يكن ذلك كافياً، وجاء متأخراً.

وقد اشتكى بريغوجين في خطاب إلى البشير، تم كتابته يوم 17 مارس (آذار)، من "تقاعس" الحكومة السودانية الذي أدى إلى "تفاقم الأزمة".

وأضاف: "سيؤدي عدم اتخاذ الحكومة الجديدة لخطوات فاعلة لتجاوز الأزمة على الأرجح إلى عواقب سياسية أكثر خطورة".