هيئة السياحة تسلّم قطاع التراث الوطني لـ”الثقافة” بعد تنظيمه وتطويره وإطلاق مشاريعه

تسجيل 5 مواقع في قائمة التراث العالمي واستعادة أكثر من 54 ألف قطعة أثرية مفقودة
تنفيذ 230 مشروعاً أثرياً وتراثياً ومتحفياً ضمن برنامج خادم الحرمين، واعتماد نظام جديد للآثار
جاء توقيع صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة، ومعالي الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مؤخراً على مذكرة تفاهم بين الهيئة والوزارة للإعداد لنقل قطاع التراث الوطني من الهيئة للوزارة، ليمثل مرحلة جديدة لهذا القطاع الذي بدأ في وزارة التعليم (المعارف سابقاً)، ثم انتقل مطلع العام 1429هـ إلى هيئة السياحة، لينتقل بعد ذلك خلال الأشهر القادمة إلى وزارة الثقافة التي لم تكن موجودة عند تأسيس الهيئة، حيث عملت الهيئة على التنسيق مع وزارة الثقافة لنقل قطاع التراث إليها، باعتبار التراث نشاطاً ثقافياً أصيلاً، حيث يتبع هذا القطاع وزارات وهيئات الثقافة في معظم الدول.
وقد شهد قطاع التراث الوطني خلال إشراف الهيئة عليه نقلة نوعية كبيرة على المستويين المحلي والإقليمي والدولي في مجالات الكشوفات الأثرية، واستعادة القطع الأثرية، ومعارض الآثار المحلية والدولية، وإنشاء المتاحف الجديدة والمطورة، وتأهيل المواقع الأثرية والتراث العمراني، وتطوير الحرف اليدوية، ووضع الأنظمة والقوانين المتعلقة بحماية التراث، وتسجيل 5 مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وغيرها من الإنجازات.
وتُوجت جهود الهيئة في المحافظة على التراث الوطني للمملكة، باعتماد مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بتاريخ 3/12/1435هـ الموافق 13/1/2014م، باعتباره مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً يعكس التطور في برامج ومشاريع التراث الوطني في المملكة، ويغطي البرنامج عدة مسارات من المشاريع الوطنية من خلال مشروعاته التي تصل إلى 230 مشروعاً وكان البرنامج من أوائل المبادرات المهمة التي تضمنها برنامج التحول الوطني 2020، لتحقيق رؤية المملكة 2030.
استراتيجية جديدة للتراث
عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فور تسلمها قطاع التراث الوطني على وضع الهيكل المؤسسي والتنظيمي للقطاع وفقاً لاستراتيجية علمية تتوافق مع أفضل التجارب العالمية، من حيث الأنظمة والسياسات التي تهدف إلى التوعية بالتراث الوطني، والتعريف بأهميته، والعمل على حمايته وتهيئته وتأهيله، وإعادة الاعتبار له، وتحويله إلى وجهات ومسارات سياحية لاستثمارها كموارد اقتصادية تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني.
وشرعت الهيئة فور ضم الآثار والمتاحف إليها، في إعداد استراتيجية شاملة لتطوير القطاع، أقرها مجلس إدارة الهيئة عام 1426هـ.
ومع صدور قرار مجلس الوزراء في ربيع الأول 1429هـ، (مارس 2008م)،  بالموافقة على تنظيم الهيئة الجديد وتعديل اسم الهيئة العليا للسياحة إلى "الهيئة العامة للسياحة والآثار"، وضعت الهيئة رؤية شاملة لقطاع الآثار والمتاحف والتراث الوطني بروافده المختلفة، وأعدت مشروعاً لنظام الآثار والمتاحف.
أنظمة واتفاقيات لحماية الآثار والتراث الوطني
وعملت الهيئة على إعداد مشروع نظام للآثار والمتاحف والتراث العمراني وافق عليه مجلس الوزراء بتاريخ الاثنين 25 شعبان 1435هـ (الموافق 23 يونيو 2014م)، ليواكب النظام الجديد العملية التطويرية الشاملة للآثار والتراث العمراني والحرف والصناعات اليدوية، ويُعد هذا النظام نقلة مهمة في التعامل مع الآثار والتراث الحضاري للمملكة، كما يحفّز المواطن ليكون الشريك الأول في المحافظة عليها، ويتميز النظام بالشمولية والتكامل مع الأنظمة الأخرى.
المحافظة على مواقع التاريخ الإسلامي
تحظى مواقع التاريخ الإسلامي في كل مناطق المملكة، وعلى رأسها مكة ‏المكرمة والمدينة والمنورة بعناية كبيرة من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ونظراً لجهود الهيئة في هذا الجانب، صدر توجيه من المقام السامي الكريم بالمحافظة على مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة واستثمارها بما لا يفضي إلى المخالفات الشرعية، وعدم إزالة المساجد التاريخية إلا بعد الرجوع للمقام السامي الكريم، وقد جاء صدور الأمر السامي الكريم عام 1429هـ، لمنع التعدي على مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، و عملت الهيئة بالتعاون مع الجهات المعنية ومجموعة من المتخصصين بحصر وتسجيل (384) موقعاً، منها (266) في المدينة المنورة، و(118) في مكة المكرمة.
كما أسست الهيئة "برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي" للعناية بالمواقع المرتبطة بالسيرة النبوية ‏وعصر الخلفاء الراشدين، بهدف توظيفها بالطريقة المثلى ‏التي تبرز ظهور ‏رسالة الإسلام الخالدة.
إيقاف الإزالة العشوائية للمباني التراثية
ضمن جهود الهيئة، وتكليفها بمهام الحفاظ على التراث الوطني، سعت إلى استصدار العديد من الأوامر والتعاميم المتعلقة بإيقاف التعدي على المواقع والمباني التراثية والأثرية من سمو وزير الداخلية ومعالي وزير الشؤون البلدية والقروية، ووضعت الأنظمة التي تمنع إزالة المباني التراثية، إلا بعد وقوف المختصين من الهيئة عليها، كما صدر أمراً ملكياً بمنع التعدي على المواقع ذات الأهمية التراثية.
أعمال المسح والتنقيب وأبرز المكتشفات الأثرية 
ركزت الهيئة بصورة أكبر على إجراء المسوحات والتنقيبات الأثرية في مختلف مناطق المملكة، وتوسعت فيها، حيث تعمل على أرض المملكة حالياً (44) بعثة محلية ودولية مشتركة حققت الكثير من الاكتشافات الأثرية المهمة التي خظيت بأصداء واسعة على المستوى الدولي، ومن أبرز الاكتشافات الأثرية التي حققتها الهيئة خلال السنوات الماضية، اكتشاف "حضارة المقر" التي أثبتت أن أول استئناس للخيل العربية حدث في شبه الجزيرة العربية قبل 9000 سنة، ويُعد اكتشاف عظم بشري يعود تاريخه إلى 90 ألف سنة بالقرب من محافظة تيماء في منطقة تبوك أحد أبرز المكتشفات الأثرية في المنطقة والعالم في الفترة الأخيرة، وكذلك اكتشاف ناب الفيل الذي يزيد عمره عن 500 ألف سنة.
ويعد مشروع "الجزيرة العربية الخضراء" امتداداً لكل هذه الاكتشافات المهمة، والذي كشف عن أدلة علمية على وجود مئات البحيرات، والأنهار، والغابات، والكائنات في أنحاء الجزيرة العربية، وهو ما جعل عدة حضارات متعاقبة تنشأ فيها وحولها.
استعادة الآثار الوطنية المفقودة
وأسفرت جهود الهيئة عن استعادة أكثر من (20،000) قطعة أثرية من داخل المملكة، وأكثر من (34،000) قطعة أثرية من خارج المملكة مضى على اختفاء بعضها أكثر من (50) عاماً، وتُواصل الهيئة جهودها لاستعادة المزيد من الآثار الوطنية المفقودة من داخل المملكة وخارجها وفق الأنظمة والاتفاقات المحلية والدولية.
مواقع سعودية ضمن قائمة التراث العالمي
أولت الهيئة تسجيل المواقع الأثرية والتراثية بقائمة التراث العالمي في منظمة "اليونسكو" اهتماماً كبيراً، بهدف الحفاظ على الثراء التاريخي والأثري والتراثي المتنوع في المملكة العربية السعودية، والتعريف بقيمة آثارها وتاريخها، وتم تسجيل موقع مدائن صالح في القائمة كأول موقع سعودي يدرج بقائمة التراث العالمي في عام 1429هـ/ 2008م، وأعقبه تسجيل حي الطريف بالدرعية التاريخية عام 1431هـ/ 2010م، ثم موقع جدة التاريخية عام 1435هـ/ 2014م، تلا ذلك تسجيل مواقع الرسوم الصخرية بمنطقة حائل عام 1436هـ/ يوليو 2015م، ثم تسجيل واحة الأحساء في شوال 1439 هـ/ يونيو 2018م، ليكون الموقع الخامس للمملكة في قائمة التراث العالمي، وقد طرحت الهيئة (9) مواقع أخرى للتسجيل خلال السنوات القادمة، هي: (الفنون الصخرية في بئر حمى، قرية الفاو بمنطقة الرياض، طريق الحج المصري، طريق الحج الشامي، درب زبيدة، سكة حديد الحجاز، حي الدرع بدومة الجندل، قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، وقرية رجال ألمع التراثية بمنطقة عسير).
الاهتمام بالمتاحف كجزء من ذاكرة التاريخ الوطني  
وأولت الهيئة اهتماماً كبيراً بالمتاحف، فربطتها بالأنشطة ‏السياحية في مناطق المملكة، وعملت على إنشاء (5) متاحف إقليمية في كل من: الدمام، والباحة، وأبها، ‏وحائل، وتبوك. وتطوير (6) متاحف قائمة في كل من: ‏تيماء، ونجران، وجازان، والأحساء، والعلا، والجوف، وقد شملت عملية ‏التطوير المباني والعروض المتحفية، كما عملت الهيئة بالتعاون مع شركائها في المناطق على ‏إعادة تأهيل المباني الأثرية والتاريخية المملوكة للدولة وترميمها بهدف توظيفها كمتاحف ومراكز ثقافية ‏للمناطق والمحافظات، وحظي المتحف الوطني في الرياض، بعناية خاصة من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، نظراً لكونه المتحف الأهم الذي يمثل واجهة حضارية للمملكة في عاصمتها الرياض، حيث شرعت في مشروع لتوسعة وتطوير المتحف،
كما تقوم الهيئة بدعم المتاحف الخاصة وفق شروط محددة مرتبطة بجودة الأداء، ومنحت حتى الآن تراخيص لأكثر من (180) متحفاً من المتاحف التي تنطبق عليها معايير الترخيص.
معرض روائع آثار المملكة
ويعد معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور"، الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني واحداً من أهم المعارض السعودية العالمية التي قدمت التراث الحضاري للمملكة والجزيرة العربية لأكثر من خمسة ملايين زائر من مختلف دول العالم من خلال إقامة المعرض في أشهر المتاحف العالمية بالمدن والعواصم الأوروبية والأمريكية والآسيوية، حيث شكل المعرض فرصة مهمة وحيوية لاطلاع العالم على حضارات المملكة والجزيرة العربية وما تزخر به من إرث حضاري كبير، ومقومات حضارية وتاريخية ممتدة عبر العصور.
وخلال السنوات التسع الماضية، وتحديداً منذ الثالث عشر من يوليو عام 2010م، قامت الهيئة بتنظيم المعرض في 15 محطة دولية ومحلية توقف خلالها في أشهر متاحف العالم، حيث ضم المعرض أكثر من 460 قطعة أثرية من التحف المعروضة في المتحف الوطني بالعاصمة الرياض، وعدد من متاحف المملكة المختلفة.
برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة
تُوّجت جهود الهيئة في المحافظة على التراث الوطني للمملكة، باعتماد مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بتاريخ 3/12/1435هـ الموافق 13/1/2014م، باعتباره مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً يعكس التطور في برامج ومشاريع التراث الوطني في المملكة، ويغطي البرنامج عدة مسارات من المشاريع الوطنية مثل: الآثار والمتاحف والتراث العمراني والحرف والصناعات اليدوية، ونظراً لأهمية البرنامج، وأهمية مشروعاته التي تصل إلى 230 مشروعاً تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، كان برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، من أوائل المبادرات المهمة التي تضمنها برنامج التحول الوطني 2020، لتحقيق رؤية المملكة 2030.