زكي مبارك ليس الأول ولن يكون الأخير

لا تكاد قضايا السجون التركية تغيب عن مختلف وسائل الإعلام، ويتفاوت الاهتمام معها أحياناً بحسب الشخص أو قضيته.

وأخذت قضية الفلسطيني زكي مبارك حيزاً كبيراً من الضوء، بعد أن أعلنت السلطات التركية انتحاره في زنزانته الانفرادية، في سجن سيليفري الذي أنشأه أردوغان حين تولى مقاليد الحكم في تركيا.

خبر الوفاة كان بعد أيام من اعتقال زكي بتهمة التجسس، وقبل يوم من خروجه بكفالة، حسب ما نقل محاميه لذويه، ومنذ أعلنت السلطات التركية خبر وفاة زكي طالب ذويه استلام جثمانه، لكن تركيا أخلفت موعدها ثلاث مرات، مما ضاعف الشكوك حيال الرغبة في إخفاء معالم التعذيب، والتي تحتاج قرابة عشرة أيام بعد حقن الجسم بمواد كيميائية.

وفاة زكي مبارك الغامضة لم تكن الوحيدة في سجن سيلفيري، ففي العام الماضي اعتقلت السلطات التركي الطبيب إبراهيم خليل، كجزء من عملية لأعضاء مزعومين في حركة غولن، وبعد حبسه فترة، أعلنت الشرطة انتحاره، بينما قال ذويه أنّه تعرض للتعذيب الشديد حتى الموت.

ومنذ محاولة الانقلاب المزعومة في عام 2016 تواصل الحكومة التركية اعتقال عشرات الآلاف عبر حملات دورية.

وكان مركز ستوكهولم للحريات قد نشر تقريراً عن حالات الوفاة المريبة في السجون التركية، جاء فيه أنّ أكثر من 120 سجيناً لقوا مصيرهم وسط ظروف غامضة وأسباب غريبة، في الوقت الذي وصفت به الحكومة التركية تلك الحالات أنّها انتحار، دون أن تتكلف عناء إجراء تحقيقات مستقلة!
وكشف التقرير أنّ القاسم المشترك بين جميع الضحايا أنّهم مسجونون بتهم لم تستطع السلطات القضائية التركية إثباتها، وعدد كبير منهم تعرضوا للتعذيب بالضرب أو الصعق بالكهرباء والحبس في غرف مظلمة.

وكشفت جمعيات لحقوق الإنسان أنّ عدد السجناء في تركيا تضاعف خلال حكم أردوغان، فقبل جلوسه على كرسي الرئاسة كان عدد السجناء قرابة الـ 52 ألف، وبعد حكمه أصبحوا أكثر من 250 ألف سجين!
ولم تقتصر سجون أردوغان على البالغين فقط، فبحسب منظمات حقوقية، يوجد قرابة الـ 700 طفل في السجون التركية، يعيشون أوضاع سيئة للغاية، وأكثر من 669 طفلاً داخل السجون 46% منهم أقل من ثلاثة أعوام، ولم يكن مسموحاً سابقاً قبل يوليو 2016 احتجاز طفل أقل من 6 أشهر إلى جانب أمه في السجن، والآن أقرت حكومة أردوغان ذلك، وأصبح مسموحاً حتى الرضع الذين لم يتجاوزوا اليوم الواحد.
تزايد السجناء دفع وزارة العدل التركية لإنشاء 48 سجناً جديداً، بتكلفة 9 مليار ليرة، فيما تنشئ مصلحة ورش السجون 43 سجناً جديداً، بتكلفة 4 مليارات ليرة؛ مما يعني إنشاء 91 سجناً جديداً، خلال عامين بتكلفة 13 مليار ليرة.