“حزب الله” ما بعد عقوبات ترامب.. 700 مليون دولار ذهبت بلا رجعة وتسريح مئات المسلحين

كشف تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، السبت، عن أن حزب الله أكبر وكلاء طهران، وأفضلها على قائمة التمويلات الإيرانية، يعاني انخفاضاً حاداً في إيراداته، ما اضطره إلى فرض تدابير تقشفية وتخفيضات صارمة على إنفاقه، وفقاً لمسؤولين وأعضاء وأنصار للتنظيم، تحدثوا للصحيفة، بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

واعترف أحد موظفي"حزب الله" في تصريحات للصحيفة الأمريكية بأن الحزب الإرهابي يقوم بتسريح المئات من مسلحيه أو إحالتهم إلى الاحتياط؛ حيث يحصلون على رواتب منخفضة أو لا يحصلون على أجر على الإطلاق، كما يسحب الكثير منهم من سوريا.

وفرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيوداً شاملة على التجارة مع طهران العام الماضي.

وألغى التنظيم عدداً من البرامج على قناة "المنار" التلفزيونية التابعة له واستغنى عن موظفيها، وفقاً لمصدر مطلع للصحيفة.

كما تم تقليص برامج الإنفاق التي كانت وفيرة فيما مضى، والتي دعمت التنظيم في صفوف الجالية الفقيرة في لبنان، بما في ذلك توفير الأدوية المجانية وحتى البقالة للمسلحين والموظفين وعائلاتهم.

ويرى محللون أن العقوبات التي فرضها ترامب أواخر العام الماضي، بعد إعلان انسحابه من الاتفاق النووي، الهادفة إلى كبح طموحات إيران النووية كانت أشد قسوة بكثير من تلك التي ساعدت في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات في عهد إدارة سلفه باراك أوباما، كما أنها ذات تأثير عميق على الاقتصاد الإيراني.

واعتبرت الصحيفة أن التدابير التقشفية التي اتخذها "حزب الله" الإرهابي تمثل أحد المؤشرات على مدى تأثيرها، ليس فقط على الاقتصاد الإيراني إنما أحدثت عجزاً لديها في دعم وكلائها الإقليميين.

كما اعترف مسؤول كبير في "حزب الله"، بأن عقوبات إيران كان لها أكبر الأثر على تمويل التنظيم، والدخل من إيران قد انخفض، ما اضطر التنظيم إلى خفض نفقاته.

وقال المسؤول للصحيفة الأمريكية: "لا شك أن هذه العقوبات كان لها تأثير سلبي"، زاعماً أن "لكن في النهاية العقوبات تشكل مكوناً من عناصر الحرب، وسنواجهها".

ويواجه "حزب الله" أيضاً مجموعة منفصلة من العقوبات الأمريكية التي تستهدف الشركات والأفراد والبنوك التي تتعامل مع التنظيم، الذي صنفته الولايات المتحدة منظمة إرهابية بعد التفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف التي استهدفت الأمريكيين في لبنان في الثمانينيات.

ولم يوضح المسؤول مقدار خفض إيران تمويلها لـ"حزب الله"، لكنه أشار إلى أن التظيم لديه مصادر دخل أخرى ويخطط بقوة للبحث عن المزيد، على أمل "تحويل هذا التهديد إلى فرصة" لتطوير مصادر دخل جديدة.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران بريان هوك، قال في أبريل الماضي، إن إيران كانت ترسل إلى "حزب الله" ما يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً، وهو ما يمثل 70% من إيرادات التنظيم الإرهابي.

ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن مليشيات "حزب الله" ازدهرت لعقود بفضل المساعدات النقدية السخية من إيران؛ حيث ينفق ببذخ على إعانات إرهابييه، وتمويل الخدمات الاجتماعية لناخبيه وتكديس ترسانة هائلة من الأسلحة.

وفي الوقت الراهن، يتلقى مسؤولو "حزب الله" والمسلحون المتفرغون الذين لا يزالون على جدول الرواتب رواتبهم، لكن تم إلغاء إعانات نقدية لتغطية نفقات الوجبات والغاز والنقل، وفقاً لما ذكره شخص آخر من "حزب الله".

وبالمثل، لا تزال تتلقى عائلات قتلى التنظيم في سوريا وقبل ذلك في حروب مع إسرائيل، رواتب كاملة، حيث يقول مسؤولون بالحزب الإرهابي إن "المدفوعات تعتبر مقدسة وضرورية إذا أراد التنظيم أن يحافظ على فعاليته، وجذب مرتزقة جدد".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في غضون ذلك، أطلق "حزب الله" حملة كبيرة للتعويض عن النقص في التمويل الإيراني من خلال التماس التبرعات، ويبدو أن الدافع يهدف إلى حشد المؤيدين وراء الجماعة، لكنه يلفت الانتباه أيضاً إلى الصعوبات المالية التي تواجهها.

ومنذ أن حث زعيم التنظيم حسن نصر الله، أتباعه في خطاب ألقاه في مارس، على المساهمة فيما أسماه "جهاد المال"، انتشرت صناديق التبرعات في شوارع المناطق الموالية للتنظيم، محملة بنصائح مثل "الصدقة تجنب كارثة".

وفي شوارع الأحياء التي يسيطر عليها "حزب الله"، جنوبي بيروت، تجول شاحنات صغيرة مزودة بمكبرات الصوت لتشجيع الناس على التبرع، وانتشرت لوحات إعلانية على طول الطريق المؤدي إلى المطار، تحث المواطنين على المساهمة في الجمعيات التي يديرها "حزب الله"، وتُذكّر مقاطع فيديو منشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للتنظيم، أنصاره "بواجبهم الديني" في المساهمة في دعم المحتاجين.