شاهد: الروضة الشريفة.. تُزينها الأساطين ويتسابق إليها المصلون

وسط المسجد النبوي الشريف توجد جنة الله في الأرض التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة", ذلك المكان الذي شهد صلاة المصطفى ركوعه وسجوده وخطبه في الناس ومقابلته للوفود، يشهد في أيام وليالي شهر رمضان المبارك ازدحاماً من المصلين والزوار, للظفر بصلاة في جنة الله في الأرض.

وجاء في فضل الروضة الشريفة وبيان منزلتها قوله -صلى الله عليه وسلم-, "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة", وفسر العلماء هذا الحديث على ثلاثة أقوال, الأول: أي كروضة من رياض الجنة في حصول السعادة ونزول الرحمة وذلك بملازمة العبادة فيها, والثاني: أن العبادة فيها طريق موصل لدخول الجنة, أما الثالث: أن هذه البقعة بعينها هي جزء من الجنة وستنقل يوم القيامة إليها.

وتقع الروضة الشريفة غربي الحجرة النبوية مباشرة وتمتد إلى المنبر, وتبلغ مساحتها نحو 330 متراً مربعاً, وتبلغ أبعادها 22 متراً من الشرق إلى الغرب, و 15 متراً من الشمال إلى الجنوب, وتضم الروضة المحراب النبوي الذي يقع في الجزء الغربي.

ويحد الروضة من الجنوب سياج من النحاس يفصلها عن زيادتي عمر وعثمان "رضوان الله عليهما", أما من الجهتين الشمالية والغربية فهي متصلة ببقية أجزاء المسجد، ويميز الروضة عن باقي مساحة المسجد أعمدتها المكسوة بالرخام الأبيض الموشى بماء الذهب إلى ارتفاع مترين تقريباً.

كما يحد الروضة الشريفة من الشرق حجرة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومن الغرب المنبر الشريف ، ومن الجنوب جدار المسجد الذي فيه محراب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ومن الشمال الخط المار شرقاً من نهاية بيت عائشة - رضي الله عنها - إلى المنبر غرباً.

وتضم الروضة على أطرافها معالم عدة منها الحجرة الشريفة التي ضمت قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ومحرابه عليه السلام الذي وُضع في وسط جدارها القبلي ومنبره ، وتتخللها عدد من الأعمدة المميزة عن سائر أساطين المسجد بما كسيت به من الرخام, وفي الجهة القبلية من الروضة حاجز نحاسي جميل يفصل بين مقدمة المسجد والروضة بارتفاع متر أقيم عليه مدخلان يكتنفان المحراب النبوي.

وتتوزع في الروضة الأساطين التي وضعت عليها خطوط مذهبة تميزها عن غيرها من أساطين المسجد, وتقوم المكبرية التي يرفع من عليها النداء في أوقات الصلوات وترديد التكبيرات في العيدين وسط الروضة، حيث يرتفع بنائها لتمكين المصلين من استغلال المساحة أسفلها.

وكثير من أساطين الروضة الشريفة ارتبط بمناسبات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطلق عليها اسم خاص يُشير إلى تلك المناسبات ، وبما أن أمكنة جلوسه -صلى الله عليه وسلم- عند هذه الأسطوانات وغيرها من أماكن المسجد النبوي كانت محلاً لنزول الكثير من الآيات القرآنية, وورود الأحاديث النبوية وارتياد جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم - .

ويكتظ المصلون والزوار في الروضة الشريفة على مختلف ثقافاتهم وتنوع أجناسهم وعلى كامل مساحة الروضة ومدار الساعة رُكعاً سجدا متضرعين خاشعين بالدعاء تالين لكتاب الله.

ومن أبرز الاسطوانات وفق كتب الحديث والسنن المشهورة, أسطوانة السيدة عائشة, وتقع في وسط الروضة الشريفة, وقد اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانها مصلى بعد تحويل القبلة مدة ثم تحول إلى مصلاه وكان أفاضل الصحابة والتابعين يفضلون الجلوس عندها.

والثانية أسطوانة الوفود: وهي ملاصقة لشباك الحجرة الشريفة وسميت بذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يجلس عندها لوفود العرب القادمة عليه, والثالثة أسطوانة التوبة : وتسمى أيضاً أسطوانة أبي لبابة شرق المنبر وسميت بذلك لأن الصحابي الجليل أبا لبابة الأنصاري ربط نفسه فيها لذنب أذنبه حتى تاب الله عليه.

أما الرابعة فهي الأسطوانة المُخَلَّقة: وهي ملاصقة لمحراب النبي - صلى الله عليه وسلم- من جهة القبلة وسميت بذلك لأن النبي رأى عليها نخامة فساءه ذلك فقام وأزالها وطيب مكانها بالخلوق, والخامسة أسطوانة السرير : وهي ملاصقة لشباك الحجرة الشريفة من الجنوب وسبب تسميتها لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكف في المسجد وضع له سرير عندها, أما السادسة فهي اسطوانة المحرس أو الحرس : وتقع خلف أسطوانة التوبة من الشمال وكان بعض الصحابة يجلس عندها لحراسة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وبداخل شباك الحجرة الشريفة أسطوانات أخرى تتعذر الصلاة عندها منها: أسطوانة مربعة القبر سميت بذلك لوقوعها في ركن المربعة الغربية الشمالية من الحجرة الشريفة وأسطوانة التهجد وهي التي في مكان تهجده -صلى الله عليه وسلم- من الليل .