العثيمين: ندين الاعتداء الإرهابي الذي تشنه مليشيات الحوثي المدعومة من إيران

ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمة أعرب خلالها عن تشرفه بمخاطبة قادة منظمة التعاون الإسلامي بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة عشرة لقمة منظمة التعاون الإسلامي، في مكة المكرمة.

وقال معاليه :" في هذا البلد الحرام، وبجوار الكعبة المشرفة، هنا من منبع الرسالة، ومهبط الوحي، موطن القداسة، وموئل الإجلال دعواتي لكم وللأمة الإسلامية بالقبول والمغفرة في هذه الليالي المباركة، في هذا الشهر الكريم، ويسعدني أن أتقدم لكم، قادتنا الأجلاء، بأسمى عبارات التهاني والتبريكات بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك، سائلاً المولى عز وجل أن يعيده عليكم وعلى الأمة الإسلامية باليمن والبركات، وأن يجعل مؤتمرنا المُنعقد في هذه الليلة الفضيلة، فاتحةَ خيرٍ وأمنٍ ورفاهٍ لشعوبنا وبلداننا الإسلامية.

وأضاف :" كما يشرفني، أن أتوجه لخادم الحرمين الشريفين، - حفظه الله -، أصالة عن نفسي، وباسم منظمة التعاون الإسلامي، بخالص التهاني بمناسبة تولي رئاسة هذه القمة، انعكاسا للمكانة وللقيادة الروحية للمملكة في العالم الإسلامي، رافعاً لمقامكم الكريم جزيل الشكر والامتنان لتفضلكم بالتوجيه باستضافة هذا المؤتمر في المملكة العربية السعودية، وبجوار بيت الله العتيق، قبلة المسلمين، ومأوى أفئدة مليار ونصف المليار مسلم، يأتي ذلك، سعياً من المملكة العربية السعودية بقيادتكم الحكيمة، وسمو عضدكم الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، - حفظكما الله -، لتعزيز أواصر التضامن بين بلداننا الإسلامية، ودعم العمل الإسلامي المشترك، مُسهمين مع أشقائكم ملوك ورؤساء الدول الإسلامية، في لمّ شمل المسلمين، وتوحيد كلمتهم لما فيه خير وصلاح وازدهار الأمة الإسلامية والعالم أجمع.

وثمن الدكتور العثيمين عالياً حرص المملكة العربية السعودية التي تستضيف مقر المنظمة، على دعم منظمة التعاون الإسلامي وتعزيز دورها في محيطها الإقليمي والدولي بما توفره من تسهيلات وإمكانيات تسند عمل الأمانة العامة.

وأعرب معاليه عن ثقته في أن تشكل هذه القمة الإسلامية الرابعة عشرة بمشيئة الله، علامةً فارقةً في تاريخ المنظمة التي تتوّج عامها الخمسين، بما يحدونا جميعا من إرادةٍ صادقةٍ، وعزيمةٍ قوية، للتعاضد يداً بيد نحو مستقبل أفضل لشعوب دولنا، وموقف موحّد تجاه قضايا عالمنا الإسلامي ، مقدماً الشكر للجمهورية التركية على رئاستها للدورة السابقة للقمة، وما قامت به من جهود.

وأشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بجهود أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء اللجان الدائمة لمنظمة التعاون الإسلامي، وهي: لجنة القدس؛ واللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي؛ واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري؛ واللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية، على قيادتهم باقتدار لشؤون هذه اللجان المهمة.

وأوضح معاليه أن مسيرة العمل الإسلامي المشترك، بفضل الله، حققت من خلال الجهود الخيرة والدؤوبة للدول الأعضاء بالتعاون والتنسيق فيما بينها، وفي إطار المنظّمة، حصيلة إيجابية في مختلف المجالات، وزخما متواصلا في معالجة قضايا العالم الإسلامي، والتعاطي الفاعل مع الأوضاع السائدة على المستويين الإقليمي والدولي، غير أنّ منطقة العالم الإسلامي ودولها تقع في قلب التداعيات الخطيرة لتقلبات هذه الأوضاع، التي تفاقمت بسبب الأزمات والتحديات القائمة.

وقال الدكتور العثيمين :" هذا الوضع يستوجب، أكثر من أيّ وقت مضى، مواصلة الجهود والبناء على ما تحقق، في تضامن إسلامي متين، قوامه الروابط الأخوية الوثيقة التي تجمع بين البلدان الإسلامية، وسنده القيم الإسلامية السمحة، والتكافل لمواجهة مختلف التحديات، ومعالجة أوضاع المنطقة، ونصرة قضايانا العادلة، وتسوية الأزمات بالطرق السلّمية، بما يدرأ المخاطر التي تهدّد شعوبنا وأمن واستقرار بلداننا، ومصالح منطقتنا ".

وبين أن في مقدمة هذه التهديدات، آفتي الإرهاب والتطرف، طاعون العصر وسرطانه، اللتين مازالتا تتربصان بالأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولا أدلّ على ذلك من العمليات الإرهابية التي شهدتها دول غير إسلامية، والتي أثبتت أن الإرهاب لا دين له أو جنسية أو عرق. وقد كان أبرزها الحادث الإرهابي الذي وقع شهر مارس الماضي وراح ضحيته خمسون آمناً من المصلين في مسجدين بنيوزلندا.

وأضاف أن المملكة العربية السعودية شهدت اعتداءً ارهابياً آثماً على محطات الضخ البترولية، مستهدفةً مصالح الدول وامدادات النفط العالمية، كما تعرضت أربع سفن تجارية لأعمال تخريبية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، مهددةً أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية العالمية. مجددًا إدانة منظمة التعاون الإسلامي الشديدة لهذه الأعمال الإرهابية، وداعيا المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة.

وتطرق الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في كلمته إلى المحاولات التي تقوم بها الميليشيات الإجرامية الحوثية لاستهداف المملكة ، موجهةً صواريخها الإرهابية إلى أقدس بقاع الأرض، ومستهدفةً مهوى أفئدة ملايين المسلمين المعلقة أرواحهم في هذا المكان الطاهر.

وأشار معاليه إلى ما أقرته منظمة التعاون الإسلامي في الاجتماعين الوزاريين الطارئين اللذين عقدا في مكة المكرمة وجدة عامي 2016، و2018 لبحث تداعيات إطلاق ميليشيات الحوثي صواريخ باليستية على مدن المملكة، باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة في المستقبل، وطلبت من جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي اتخاذ اجراءات جادّة وفعّالة لمنع حدوث أو تكرار مثل هذه الاعتداءات.

وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن المساس بأمن المملكة العربية السعودية، كدولة عضو في المنظمة، ومقر لها، إنما هو مساس بأمن وتماسك العالم الإسلامي بأسره. مؤكداً تضامن المنظمة التام مع المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات للدفاع عن أمنها واستقرارها اتساقاً مع ميثاقي منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.

وقال : " إن المنظمة تجدد رفضها المطلق للمحاولات المقصودة لربط ديننا الإسلامي الحنيف بالأعمال الإرهابية، التي تقترفها جماعات إجرامية مارقة لا علاقة لها بالإسلام وتعاليمه النيّرة وقيمه السمحة.

مشيراً إلى إلى الدور المهم الذي يضطلع به مرصد الإسلاموفوبيا ومركز صوت الحكمة في الأمانة العامة الذي يسهم في نشر قيم الاعتدال والوسطية، والمساهمة مع الأجهزة التي نشأت في بعض دولنا لنشر الصورة الصحيحة للإسلام النقي الصافي، دين الاعتدال والوسطيّة والمحبة والتسامح والعيش المشترك، ديننا الذي لا يتعارض مع ضرورات العصر، ويواكب مستجداته بما ينفع البشرية.

وأكد معاليه أن القضية الفلسطينية ستبقى في أعلى سلم أولويات العمل الإسلامي بالنظر لمكانتها المركزية لدى جميع الدول الأعضاء.

وأضاف أن القمة الإسلامية تعقد في ظرف حرج نظرا لما تشهده قضية فلسطين والقدس الشريف من تحديات سياسية واقتصادية وإنسانية لا سيما استمرار انغلاق المسار السياسي نتيجة مواصلة حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنكرها لقرارات الشرعية الدولية، من خلال انتهاكاتها ضد المسجد الأقصى المبارك، وتصعيد الممارسات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

وفيما يخص القضية الفلسطينية قال الدكتور العثيمين :" إن سلاماً عادلاً وشاملاً، هو الحل الأمثل، ضمن مفاوضات تأخذ في الحسبان المبادرة العربية، ورؤية حل الدولتين، في قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو-حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية .

وشدد معاليه على الدور الذي تقوم به وكالة الأونروا وضرورة دعمها سياسياً ومالياً لتمكينها من الوفاء بولايتها الأممية، مشيداً بقرار إنشاء صندوق الوقف الإنمائي لدعم اللاجئين الفلسطينيين، تحت إدارة البنك الإسلامي للتنمية، آملين أن تقوم دولنا الأعضاء بتقديم مساهمات مالية في رأس مال الصندوق.