المواطن يقود التغيير والإعلام يعوق التغير

التغيير يرتبط ارتباطا وثيقا بحيوية المجتمع ومرونته ومدى استيعابه لقيم التغيير وهذا ما ذكره سمو ولي العهد في لقاء صحيفة الشرق الاوسط بقوله "المواطن اصبح يقود التغيير" وهذا بلا شك ماراهن عليه سمو ولي العهد قبل طرح مشروع رؤية 2030 وكسب الرهان بشباب الوطن الطموح ولكن خذلنا الاعلام في كثير من المواقف ومنها تشويه صورة المجتمع السعودي بانه مجتمع يقاوم التغيير والاصلاح من جهة واحيانا تعاطيه مع الاعلام الاخر الذي يحاول نقل هذه الصورة جهلا او عمدا.

وهذا نتاج جهل بتاريخ المجتمع السعودي وطبيعته فالمجتمع السعودي من اوائل المجتمعات التي بدأت التغير وتناغم مع المصلحين السياسيين في التغيير والتطوير والتحديث فقد بدأ التناغم مع أول رغبة سياسية حيث اتحد الشعب مع جلالة الملك المؤسس الملك عبدالعزيز وحدث التغيير الكبير وتوحد الجميع ثم تناغم المجتمع مع رغبة الموحد في توطين البادية وتقبل المجتمع التغيير وبدأت مسيرة الثقيف والتعليم.

وعندما اكتشف النفط واكب المجتمع هذا التغيير وتنوع النشاط الاقتصادي وما صاحبة من هجرة الى المدن وتعايش مع الاخر وتقبل للوافدين واكتساب ثقافات متعددة ايجابية بسلام ومحبة وتعاون وتعايش وعندما استحدثت الخطط الخمسية كان المجتمع شريكا في التخطيط ومساهما في التغيير والاصلاح.

ومشروع الرؤية لم يقاوم من الشباب وهم اغلبية السكان فالكل يدرك ان المطالب تعددت وحاجات السكان في تزايد وهذا لن تستطيع تلبيته الدولة الريعية وأن اوان التنوع الاقتصادي والتوازن المالي وهيكلة الاقتصاد وزيادة مصادر الدخل ورفع كفاءة الانفاق الحكومي قد حان ولن يتحقق إلا بخطة استراتيجية وفق رؤية وطنية طموحة.

ولعل أصعب ما يواجه هذا الطوح وهذه الرؤية هو الأعلام فالأعلام هو اداة التقدم والتنوير وقد يكون اداة التأخر وبث التخلف في المجتمع.

فالتغيير المنشود وتحقيق رؤية 2030 يحتاج علم وعمل اعلامي مميز تنويري وتثقيفي يتسم بالعقلانية والشفافية والحوار والجدية واغلب الاعلام لدينا لازال بعيدا عن التنوير والثقيف لا يهتم بقضايا المواطنة والاصلاح ولا برامج الرؤية ومبادراتها ونقدها وتطويرها وما يصاحب التغيير من تبعات اخلاقية ونفسية وقيمية ومعرفة اثار التغيير على المجتمع في الامدين القريب او البعيد.

نحتاج الى اعلام يبرز النخبة والصفوة وفي جامعتنا من الأكاديميين المؤهلين الكثير.

اعلام يواكب رغبة المجتمع للتغيير والتطوير ويدرك ان الرؤية مشروع نهضة شاملة وان لم يدرك الاعلام رغبة الشباب في التغيير ويواكب رؤية 2030 فلن نتغير ولن يحدث التغيير.

فهل يعي الاعلام ان التغير قد يكون تطورا وقد يكون انحدارا؟

 

*باحث دكتوراه في السياسات التربوية 

[email protected]