أردوغان يصنع نهايته بعد معركة إسطنبول

سيضطر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التعامل مع تداعيات خسارة انتخابات إسطنبول، سوف يخسر حزب العدالة والتنمية السيطرة على موازنة البلدية التي تصل إلى 7 مليارات دولار.

فيما تعهد إمام أوغلو، حاكم إسطنبول الجديد، بمراجعة شاملة للإنفاقات البلدية التي ستسلط الضوء على الأرجح على تعاملات مشكوك بها بين الحزب ورعاته الذين تمت مكافأتهم بعقود بلدية مربحة. سيحرم التدقيق المتزايد ماكينة الحزب الحاكم من مزاياها الرعائية خانقاً شبكة تموينه. ليس هذا إلا جزءاً من مشاكل أردوغان وأقل مخاوفه على الأرجح.

ووصف سركان يولاجان، الباحث في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة، أكرم إمام أوغلو بالنجم الجديد الذي أنجبته إعادة انتخابات اسطنبول في 23 يونيو الماضي.

ويرى الباحث أن التهديد الأخطر هو تعزيز انتصار إمام أوغلو ثقة المعارضة التي تقلص حجمها منذ القمع الذي أعقب الانقلاب الفاشل سنة 2016. باتت أكبر ثلاث مدن بين أيدي المعارضة بحيث تؤمن لها فرصة نادرة كي تثبت نفسها أمام الناخبين الساخطين من الحزب الحاكم لكن المترددين في الانتقال إلى الضفة الأخرى بسبب السجل الضعيف للأحزاب الثانية خلال الفترة السابقة.

قد تأتي المعارضة هذه المرة من داخل الحزب الحاكم. عزز فوز إمام أوغلو الأصوات المتمردة في حزب العدالة والتنمية. من المتوقع أن يتضامن خائبو الأمل من الساسة البارزين في الحزب للانفصال عنه ومن بينهم شركاء أردوغان السابقون مثل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والرئيس السابق عبدالله غول.

إذا حصل ذلك فسيعني نهاية حزب العدالة والتنمية كما يعرفه المتابعون. علاوة على هذا الأمر، ستكلف الخطوة أردوغان الغالبية المطلقة في البرلمان مما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة وقد تؤدي حتى إلى إطلاق أزمة في النظام الرئاسي التركي الجديد وهو أمر لا يستطيع تحمله. كذلك، مع ركود الاقتصاد التركي والخلاف مع الولايات المتحدة حول شراء صفقة أس-400 من روسيا، لا يمكن أردوغان تحمل أي تشتيت للانتباه.

خلال الحملة التي سبقت إعادة الانتخابات، حاول الرئيس التركي حرف الأنظار عن تحديات السياسة الخارجية التي تواجهها الدولة فلجأ إلى لعب ورقة التهديد الوجودي. فتح الانتصار الكبير لإمام أوغلو الجدل حول كل هذه المسائل. يواجه أردوغان الآن عاصفة متجمعة من صنعه الخاص.

تركته نتائج الانتخابات المحلية تحت رحمة اللاعبين الذين أدانهم لفترة طويلة: المعارضة العلمانية والأكراد في الداخل، والمستثمرين الأجانب وواشنطن في الخارج. قد يكون أردوغان تائهاً. لما يقارب عقداً من الزمن، لم يواجه أردوغان تحدياً في تركيا لدرجة أنه طمح ليصبح قائد العالم المسلم. لكن لتحقيق ذلك، لجأ إلى أساليب تسلطية. أثبتت سياساته الاقتصادية أنها كارثية. أدى قمعه للأصوات المعارضة إلى خنق الديموقراطية التركية.

قد تبرهن الأوامر بإعادة إجراء انتخابات اسطنبول أنها كانت الحبة الأخيرة في العنقود. سعى أردوغان دوماً إلى كسب الشرعية عبر صندوق الاقتراع مطمئناً الجميع بأنّ الانتخابات تعكس الإرادة الحقيقية للشعب ومصراً على أنّ المسار نزيه. عبر تحريض اللجنة العليا للانتخابات على الدعوة إلى إعادتها، ترجل أردوغان عن جواده الكبير. بفارق ساحق، أصدر ناخبو اسطنبول حكمهم.