ورحل الأمير الصالح

حظيت بشرف لقاء الأمير الصالح بندر بن عبدالعزيز يرحمه الله في مسجده بمدينة الطائف مرتين فقط ولدقائق معدودة خرجت منهما بانطباع غير مسبوق عن شخصيته يتمثل في دماثة خلقه وجميل تواضعه ونقاء سريرته وما دفعني لكتابة هذا الرثاء المتواضع ما شاهدته اليوم من وجوه لبدّها الحزن واعتصرها الألم وما سمعته من جموع المعزين من ثناء على سيرته العطرة وما خطته الأقلام من ثناء ورثاء منذ إعلان وفاته ، والناس شهود الله في أرضه.

قال عنه الناس في مجلس عزاءه الكثير من الصفات الحميدة ؛ فهو مصلياً عابداً وصالحاً وتقياً وزاهداً ومحسناً وورعا ، وقالوا كان محباً لبيت الله الحرام متردداً عليه على الدوام ولمسجد الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ، وقال أحدهم كان شعاره ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).

وقال بعضهم أحسن تربية أولاده على قيمه ومثله وصفاته وصنع منهم رجالاً يشار لهم بالبنان حتى أصبحوا من أركان الدولة ورجالها البارزين .

وإني لأشهد شهادة حق على حسن صنيع تربيته من خلال علاقتي ومعرفتي بأكبر أبنائه الأميرين الجليلين خالد وفيصل ؛ حيث رأيت في شخصيتيهما ما سمعته عن صفات والدهما العظيمة والتي تجسدت بشكل أو بآخر فيهما ؛ سائرين على نهجه ومقتدين بسلوكه .

حيث كان لي عظيم الشرف أن عملت تحت قيادة إبنه الكريم الأمير الخلوق مستشار خادم الحرمين خالد بن بندر لسنوات طويلة إبان عملي كضابط في القوات المسلحة وعمل سموه كضابط وقائد لسلاح الفرسان أو ما يعرف اليوم بسلاح المدرعات.

كان سموه مثالاً في الإخلاص والتفاني والصدق والأمانة في عمله ومنضبطاً في الإلتزام بأوقات العمل الرسمي وزيادة وقيادياً من الطراز الأول في التأثير على الآخرين وكسب محبتهم وإخلاصهم وصادقاً في تعاملاته مع مرؤوسيه وقدوة في كل ممارساته.

وما أحدثه من نقلة نوعية للسلاح بمباركة ودعم الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع آنذاك يرحمه الله وإشرافه المباشر وإدارته لمشروع السيف وقيادته للقوات البرية السعودية وما تلاها من مسؤوليات كبيرة في وزارة الدفاع والاستخبارات العامة وأميراً للعاصمة السياسية الرياض.

وزادني شرفاً وفخراً معرفتي ولقائي بفيصل الرياض الأمير فيصل بن بندر عدة مرات بحكم عملي كأحد العمداء في جامعة شقراء وحضور سموه لكثير من فعاليات الجامعة.

رأيت فيه الحاكم الذكي والمستنير المتواضع والمهتم بتطوير الإنسان والمكان في منطقة الرياض متكئاً على إنجازات وخبرات عظيمة في إمارتي عسير والقصيم ومبدعاً في الحاضر على تطوير الرياض ومتابعة مشروعاته الجبارة وما دعاء سموه أثناء الدفن لوالده بحرقة وتأمين الآخرين عليه إلا شعور بألم الفقد وعلقم الفراق للأب العطوف .

ومجمل القول أن الأمير الراحل وهبه الله المجد فكان مثالاً للقدوة الحسنة والسمعة الطيبة كرجل دولة ومنحه الله السلطة فزهد فيها وتركها ، وأعطاه الله المال فأنفقه في ما يرضي الله ، وأكرمه الله بمحبته فبسط له في الأرض محبة خلقه.

وداعاً أبا فيصل وإلى جنات الخلد وستبقى صورتك البهية وذكراك العطرة راسخة في ذاكرة الوطن والمواطن . اللهم أرحم عبدك بندر بن عبدالعزير وأكرم وفادته واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

وصبراً واحتساباً آل بندر فإن لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بقدر ، والعزاء في ما كان عليه من الخير وحسن الخاتمة.