في الحج.. كيف حولت المملكة الخيال إلى واقع؟

تولي المملكة العربية السعودية إهتماماً بالغاً بكل ماهو إسلامي، وتبذل في سبيل نماء وإزدهار الدول والشعوب الإسلامية غاية ماتستطيع فلا تألوا جهداً في بذل كل مامن شأنه الدفع بالشعوب المسلمة نحو مزيد تطور ووفير تقدم.

بدءاً من دعمها اللامحدود لقضايا الشعوب الإسلامية مروراً بتقديمها المساعدات للاجئي الدول المسلمة وإنشاء المنظمات التي تطالب بحقوقهم، وليس إنتهاءاً بخدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون إليها في كل عام لأداء مناسك الحج.

وتتحمل أعباء كل ذلك فتسخر في سبيله جميع طاقاتها المادية والبشرية.

إيماناً بأهمية دورها ومكانتها الإستثنائيتين، وأثرهما على الصعيد الديني والإنساني.

وإنطلاقاً من مبادئ الدين الحنيف التي تحتكم إليها، وقيمها كدولة تعي أن خدمة الإنسان هي واجب الحكومات فكيف به ضيفاً مسلماً.

هذه القيم وتلك المبادئ التي جعلت منها ليس فقط قائداً للعالم الإسلامي بل وضعتها على قائمة أكثر الدول دعماً للعمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم بمايقارب السبعة مليارات دولار على مدى ثمانية عشر عاماً إستفادت منها إحدى وثمانون دولة بحسب المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة.

مايثبت أن دورها إنساني وليس إسلامياً فقط ويبين لم عرفت بالنبل والعطاء والبذل منذ تأسيسها كما هم قادتها ومواطنيها.

لذا فالمملكة تضع كل ماله علاقة بشؤون الحج والحجيج على رأس قائمة أولوياتها ماكان أثره أن تحول الحج بفضل جهودها من مشقة كانت تنال مؤديها إلى رفاهية ومن عناء ووصب كان يرافق الحاج إلى يسر ونعماء، ولم يكن كل ذلك لولا مابُذل ويبذل من جهود تُظهر الإحصائيات مدى ضخامتها وتبين الأرقام حجم عظمتها حتى أن الزهو والفخار ليتسلل إلى قلب كل نبيل بهذا التخطيط والتنظيم والتفويج والخدمات التي قدمت إلى مايربو عن خمسة وتسعون مليوناً حاجا خلال خمسين عاماً قدموا من مائة وثلاثة وتسعون بلداً كانوا يتحدثون بمائة لغة منهم ما يقارب مليوني ونصف حاج قدموا إلى المملكة هذا العام بحسب الهيئة العامة للإحصاء.

تلك الأرقام التي تستند إلى مائة وثمان وتسعون مؤشراً دقيقاً لقياس الأداء لموسم حج هذا العام ١٤٤٠هـ، تقوم الهيئة العامة للإحصاء بإحصائها ومن ثم تحويلها إلى بيانات تزود بها الجهات التي تُعنى بوضع خطط الحج المستقبلية، لذا فهي من الدقة بما كان بحيث يستطيع القارئ الكريم أن يعتمد عليها وهو يطلق عنان خياله ليرسم بها تلك الصورة المشرفة عما يبذل أكثر من ثلاثمائة ألف يعملون في سبع وأربعون جهةً حكوميةً وخاصةً يقدمون ثلاثمائة وخمس وثلاثون خدمة متنوعة لضيوف الرحمن.

وله أن يتخيل أن هناك ست عشرة مستشفىً داخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ومائة وخمس وعشرون مركزاً صحياً وثلاثمائة وسبعون عربة إسعاف وألف ومائة وواحد وأربعون فرقةً طبيةً إسعافيةً ميدانيةً ومائة وإثنان وثلاثون مركزاً إسعافياً سُخرت لخدمة ضيوف الرحمن.

وله أن يتخيل إجراء مئات عمليات القلب المفتوح وآلاف عمليات غسيل الكلى وعمليات الولادة.

وله أن يتخيل قافلة الحجاج المنومين التي تقوم كل عام بنقل عشرات الحجاج تحت إشراف مئات الأطباء والممرضين عبر المشاعر لأداء مناسكهم.

وله أن يتخيل إقامة وتنقل مايتجاوز المليونين حاج مختلفي الأعراق والمذاهب واللغات وتفويجهم من مشعر إلى أخر في مساحة ثلاثة وثلاثون كيلو متراً مربعاً وفي غضون ستة أيام فقط.

وله أن يتخيل أن مايربو عن مائة مليار دولار هي تكلفة توسعة الحرم المكي الشريف لرفع طاقته الإستيعابية إلى ثلاثين مليون معتمر بحول عام ٢٠٣٠م وأنه بذلك يعد المبنى الأغلى تكلفة على مستوى التاريخ.

وله بعد كل ماتخيله أن يعلم أن ذهب إليه خياله وأبحر إليه تصوره هو واقع الحال في موسم الحج وأنه غيض من فيض مما تبذله المملكة العربية السعودية حكوماً وشعباً لضيوف الرحمن.