الحصن الحصين للتصّدي من السحرة والشياطين

الحمد لله، فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، رازق العباد فما لأحد عنه غنى، أحمده سبحانه سرًّا وعلناً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، سيد الأصفياء والأنقياء والأتقياء القائل: «بادروا بالأعمال الصالحة فتنا...» خير من بادر لذكر ربه إذا أصبح الصبح وإذا قرُب المساء، من أتم الله به نور الإسلام، وطمس بدعوته ظلام الشرك طمساً. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.

وبعد: فإن من أفضل الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهي من الأعمال اليسيرة على العبد المسلم، ولما كانت العبرة في الأعمال التبكير بها واختتامها، وخصت الشريعة الغراء الذكر عند الإصباح والإمساء، بمزيد عناية وعظيم أجرٍ، قال تعالى: ( فاذكروني أذكركم وأشكرولي ولا تكفرون ) ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت".

فذكر الله حياة للقلوب وقربة إلى علام الغيوب، به يتحقق رضاء الله سبحانه وتعالى ويزول الهم وتحصل الطمأنينة ويُطرد الشيطان ويندحر.

كما أن الله يذكر العبد الذي يذكره سبحانه وأعظم به من شرف وفضل.

وما ساقني لتأليف كتاب الحصن الحصين للتصدي من السحرة والشياطين بنسخة صغيرة الحجم ميسرة بسيطة تم جمعها وإعدادها وبحثها من كتب السلف رحمهم الله، أو الكتب المعاصرة إلا امتثالاً لأمر الله تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)، وطمعاً في الأجر الموعود في قول النبي ﷺ: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله».

وأحببت جمع هذه الأذكار لتعين العبد المؤمن على ذكر ربه وتكون مصاحبةً له في يومه وليلته، مفيدة له في جميع أيامه، وعلى تقلب أحواله، وفي معاملة إخوانه، على تقلب أحوالهم.

جامعاً فيه لأحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم منتهجاً نهج شيخنا المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ملتزماً إيراد ما صححه وحسنه منها.

تم تقسيمه تقسيماً يسيراً يسهل على المسلم التدرج فيه، وهو من أشمل ما يحتاجه العبد على النحو التالي:-
أولاً: ذكر جميع الأذكار وما يحتاجه المسلم في يومه وليلته.

ثانياً: إيراد كلام ابن القيـــم رحمه الله في العين.

ثالثاً: الرقية الشاملة.

رابعاً: سورة الكهف التي تُقــرأ في يــوم الجمعة.

ويقع هذا الكتاب الصغير في حجمه العظيم في محتواه في مئتين وست وثلاثين صفحة، طبع في نسخته الأولى من دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، ثم طبع في نسخته الثانية من دار الصميعي للطباعة والنشر والتوزيع.

وقد حظيت هذه الطبعة وتميزت بتفضل صاحب المعالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند حفظه الله ورعاه الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المدرس بالحرمين الشريفين بالتقديم على الطبعة الثانية.

ومن منطلق اهتمام الناس بالتقنية وانتشارها فقد تم نسخ محتوى هذا الكتاب في تطبيق صغير الحجم سهل التثبيت على الأجهزة المحمولة بشكل مجاني وبدون محتوياتٍ إعلانية، بتصميمٍ من مؤسسة رمال الأودية لتقنية المعلومات.

كما تم إنشاء صفحةٍ على الويب للكتاب تتضمن الرؤية والرسالة والأهداف ومسيرة هذا الكتاب الورقية والإلكترونية.

راجيًًا الله تعالى أن يتقبل ذلك بقبول حسن، وأن يشرك في الأجر الوالدين والزوجة والذرية، وكل من ساهم في نشره أو أعان عليه وفي مقدمتهم معالي شيخنا المبارك العالم الفقيه الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السند الذي بارك هذه الطبعة وقدم لها. كما أسأله أن يضع له القبول في الأرض، سائلاً كل من انتفع به أو بشيء منه أن يخصني بدعوة صالحة في أوقاته الرابحة ، وأن يظن بي خيراً، فإن وجد فيه عيباً فليتداركه بفضلةٍ من حلمه، وليصلحه لي ما أمكن بطيب قولٍ وسمو علمٍ وسلامة صدر.

هذا وبالله العظيم حولي وقوتي، وهو حسبي وعدتي، وعليه اعتمادي، ومن فضله استمدادي، ورضاه أسمى مرادي.

وصلى الله وسلم على النبي الأمي الهادي، سيدنا محمد خير العبادِ ، وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم التنادِ.