الطاقة الاستيعابية

إحدى الاخبار العجيبة والغريبة والتي تم تداولها في الأسابيع الماضية تتعلق بزيادة الطاقة الاستيعابية في المدارس الحكومية لتصل إلى 45 طالب في الفصل الواحد، ولعل مثل هذا الخبر يحتاج منا لزيادة الطاقة الاستيعابية في عقولنا حتى نستطيع فهم قرارات التعليم لدينا.

في البداية قد يسهم هذا القرار في توفير الاقتصاد التعليمي في البلاد ولكن ما الذي يجعلنا نوفر في هذا الجانب، ونحن نعلم أن التعليم هو أساس نهضتنا بل أن قوتنا تكمن في تعليم أبنائنا وبناتنا، ولاسيما أن الدولة حفظها الله تصرف أعلى ميزانية للتعليم تصل إلى 25 % من إجمالي ميزانية الدولة لأجل تعليم طلبتنا والأرجح أن هذه الميزانية هي في أيدي أمينة.

كمحاولة استقرائية للمستقبل حاولت أن أبحث الإجابة عما سيأتي بعد تطبيق هذا القرار؟هل فعلاً ما نقوم به يساير التطور التعليمي؟ وهل البنية التحتية للمدارس تساعد على هذا التكدس؟ ومع كل هذا العدد هل يستطيع المعلم تطبيق التعلم النشط واستراتيجياته والأنشطة المنوعة وأن يراعي الفروق الفردية في مناهجنا الأمريكية ذو الفصول السعودية، ماذا يحدث خارج أسوار الفصل الدراسي من سلوكيات وهل يستطيع المرشد الطلابي ملاحظتها وممارسة عمله بجودة عالية؟

تخيلت كيف يتزاحم الطلبة للبحث عن مقاعد وطاولات بين الصفوف وآخرين ينتظرون لإيجاد مقاعد دراسية داخل الصف، ولتكملة السيناريو تزداد رغبة الأهالي في المدارس الخاصة هرباً من المدارس الحكومية ذو البيئة الطاردة والغير صحية تعليمياً.

حاولت أن ابحث عن هذه الإجابات في تعليم الدول المتقدمة لعلي أجد منها من طبق هذا التطور الغريب بدءاً بفنلندا، اليابان، بريطانيا، وأخرها أمريكا حتى توصلت إلى وجود بعض المدارس الأوربية المطبقة لهذه الزيادة ولكن زيادتها وصلت 30 طالب في الفصل فقط، أعتقد أننا حاولنا تقليدهم وبدلاً من 30 وصلناها إلى 45.

وبينما أغوص للوصول للإجابة عن تساؤلاتي السابقة، هدأني تصريح أحد المتحدثين بالتراجع عن هذا القرار بل أنه كان اجتهاد من أحد مكاتب التعليم، أتمنى أن يبقى كذلك ولا يتم تطبيقه إلا بعد دراسة شاملة لواقعنا التعليمي ومن جميع الجوانب، وأخيراً أهمس في أذن وزارة التعليم ومكاتبها (أبناؤنا أمانة في أعناقكم).